الاجهاض التلقائي

الاجهاض التلقائي

الاجهاض هو فقدان الجنين أثناء الحمل، والاجهاض التلقائي هو فقدان الجنين قبل الأسبوع العشرين من بدء الحمل.

يُعتبر الاجهاض التلقائي أبرز مضاعفات الحمل وأكثرها انتشاراً. يُعرف الأطباء الاجهاض التلقائي بمثابة خسارة كل محتوى الحمل قبل اكتمال الأسبوع العشرين من الحمل، سواء وجد الجنين أم لا.

توجد عدة أسباب للاجهاض التقائي، وتتعلق بالجنين أو بالأم أو بعوامل بيئية وخارجية.

يؤدي الاجهاض التلقائي لأعراض أبرزها ألم البطن والنزيف المهبلي، وقد يؤدي الى مضاعفات.

الجدير بالذكر أن هناك عدة أنواع من الاجهاض التلقائي، وعدة امكانيات علاج كالعلاج بالأدوية أو المعالجة الجراحية.

عند الحمل الطبيعي، تلتقي الحيوانات المنوية من الذكر ببويضة المرأة، ويؤدي الأمر الى تلقيح البويضة، لتقوم بالتكاثر وتنشأ مجموعة من الخلايا. تُشكل هذه الخلايا الجنين، وتُزرع في جدار الرحم وتتكون المشيمة (Placenta) التي تربط الجنين بجدار الرحم.

يستمر الجنين بالنمو داخل الرحم حتى الولادة. اذا ما فُقد الجنين قبل اكتمال الأسبوع العشرين، يُعتبر الأمر اجهاض تلقائي.

رغم أن معدل الاجهاض التلقائي الدقيق غير معروف، الا ان الأبحاث تُقدر أن 15% من حالات الحمل ستنتهي بالاجهاض التلقائي. معظم حالات الاجهاض التلقائي تحدث قبل الأسبوع الثاني عشر من الحمل.

عدة عوامل تؤثر على احتمال الاجهاض التلقائي، وأبرزها:

  • العمر: الحمل في السن المبكر- أي قبل سن العشرين- أو المتاخر- أي في الثلاثينيات- يزيد من احتمال الاجهاض التلقائي.
  • الاملاص في السابق: أي ولادة وليد ميت يزيد من احتمال الاجهاض التلقائي في المستقبل.
  • الاجهاض التلقائي في السابق: يزيد من احتمال الاجهاض التلقائي.
  • ولادة أطفال ذوي عيوب خلقية في السابق: تزيد من احتمال الاجهاض التلقائي.
  • الولادة السليمة في السابق: تقلل من احتمال الاجهاض التلقائي.

أمور عديدة قد تُسبب الاجهاض التلقائي، بعضها تتعلق بالجنين وجيناته، وأخرى تتعلق بالأم، الجهاز التناسلي أو أمراض الأم.

أسباب أخرى مثل الرضخ أو المواد السامة في البيئة قد تؤدي الى الاجهاض التلقائي.

وتتمثل الأسباب الرئيسية الأخرى في:

  • الاضطرابات الجينية (Genetic Abnormalities): تُعتبر السبب الرئيسي للاجهاض التلقائي، ويُمكن تلخيص أسباب الاجهاض التلقائي التي تتعلق بالجنين بالاضطرابات الجينية. قد تكون الاضطرابات الجينية مُعيقة لحياة الجنين ولذلك تؤدي للاجهاض التلقائي. توجد عدة أنواع من الاضطرابات الجينية مثل وجود عدد اضافي من الكروموزومات، أو نقص، أو تثلث الكروموزومات، وأخرى.
  • عوامل تتعلق بالأم: وهناك عدة عوامل تُسبب الاجهاض التلقائي وأهمها:
  1. العدوى: العديد من أنواع العدوى، الفيروسية منها والجرثومية تنتقل الى رحم الأم وثم الى الجنين وتؤدي للاجهاض التلقائي. الزهري (Syphilis)، المتدثرة (Chlamydia)، السيلان (Gonorrhea)، فيروس الهربس (Herpes)، جرثومة الليسترية (Listeria) وأخرى عديدة قد تؤدي للاجهاض التلقائي، اذا ما كانت العدوى في بداية الحمل.
  2. أمراض الأم السابقة: وأهمها فرط الغدة الدرقية (Hyperthyroidism)، السكري، ضغط الدم المرتفع (Hypertension)، أمراض الكلى، والذئبة الحمامية المجموعية (SLE- Systemic Lupus Erythematosus).
  3. عيوب الرحم: عيوب منذ الولادة أو بعدها في رحم الأم، تؤدي الى تغيير مبنى الرحم وبذلك تُضعف من قدرة الحمل على استيعاب الحمل، وتزيد من خطورة الاجهاض التلقائي.
  4. سوء التغذية (Malnutrition) لدى الأم يزيد من خطورة الاجهاض التلقائي.
  5. أسباب مناعية كعدم ملائمة أنواع الدم بين الأم والجنين تؤدي الى الاجهاض التلقائي.
  • الحالة النفسية: لا يوجد اثبات واضح أن الاضطرابات العاطفية تؤدي الى الاجهاض التلقائي، كالخوف والغضب.
  • الذيفانات (Toxins): أي المواد السامة تؤدي الى الاجهاض التلقائي، وأبرز هذه المواد هي التدخين، المشروبات الكحولية، الأشعة، الأدوية لعلاج السرطان (لذا يُفضل تجنبها أثناء الحمل)، بعض الغازات، وأخرى.
  • الرضخ والاصابات (Trauma) المباشرة أو غير المباشرة للرحم: والجنين تؤدي للاجهاض التلقائي. من المهم الذكر أن العمليات الجراحية في منطقة الحوض قد تكون بمثابة رضخ أيضاً.

عند الاجهاض التلقائي، يحدث نزيف الى داخل الرحم ومن ثم يحدث التهاب ويتقلص الرحم ليُخرج جميع محتويات الرحم. يؤدي الأمر الى عدة أعراض أهمها:

  1. النزيف المهبلي (Vaginal Bleeding): قد يكون نزيفاً طفيفاً أو شديداً. تلاحظ المرأة النزيف المهبلي على الملابس الداخلية أو في المرحاض.
  2. ألم البطن: قد يظهر ألم في البطن وتختلف حدته وشدته.
  3. توسع عنق الرحم: توسع عنق الرحم هو علامة من علامات انتهاء الحمل، والتي يُمكن أن يكتشفها الطبيب خلال الفحص المهبلي.

 تختلف الأعراض وشدتها وفقاً لنوع الاجهاض التلقائي الموجود، حيث يُمكن التصنيف الى عدة أنواع وهي:

  • الاجهاض المهدد (Threatened Abortion): هو كاسمه تهديد بالاجهاض، ويحدث لدى 20-30% من النساء الحبالى ويُسبب النزيف المهبلي الغير مؤلم في الأسابيع الثانية عشر الأولى من الحمل.معظم حالات الاجهاض المهدد عابرة ويستمر الحمل بعدها، لكن البعض منها يتفاقم ويؤدي للاجهاض التلقائي.
  • الاجهاض الحتمي (Inevitable Abortion): اجهاض حتمي لا محالة، ويؤدي الى ألم في البطن أو الظهر بالاضافة الى النزيف المهبلي. كما أن عنق الرحم يكون مفتوحاً، مما يدل على الاجهاض.
  • الاجهاض الناقص (Incomplete Abortion): الاجهاض الناقص هو الاجهاض الذي يخرج فيه جزء من الجنين أو المشيمة من المهبل، وجزء اخر يبقى داخل الرحم ويُمكن رؤيته بالتخطيط فوق الصوتي. يؤدي الاجهاض الناقص الى ألم البطن وتقلص الرحم، النزيف المهبلي- والذي قد يكون شديداً. كما أن عنق الرحم ينفتح ويتوسع.
  • الاجهاض الكامل (Complete Abortion): خلال الاجهاض الكامل، تخرج جميع محتويات الحمل، الجنين والمشيمة. يؤدي الأمر الى ألم البطن والنزيف المهبلي، ويتوسع عنق الرحم. لكن الأعراض تنتهي بعد خروج الحمل، ويعود عنق الرحم الى وضعه الطبيعي. لا يرى الطبيب شيئاً داخل الرحم، بالتخطيط فوق الصوتي.
  • الاجهاض الفائت (Missed Abortion): ويكون اذا ما توفي الجنين لكنه يبقى في الرحم. غالباً ما يكون الاجهاض الفائت عديم الأعراض.
  • البيضة التالفة (Blighted Ovum): هي حالة لا يوجد فيها جنين، أي أن الحمل يحوي أغشية الحمل فقط دون وجود جنين أصلاً.

بعض حالات الاجهاض التلقائي يُمكن تشخيصها بعد أن يستمع الطبيب الى التاريخ المرضي ويقوم بالفحص الجسدي.

حيث أن الطبيب يهتم بالأعراض الحالية، ويلاحظ اذا ما كانت الأعراض ملائمة لأعراض الاجهاض التلقائي. بالاضافة الى مراجعة التاريخ المرضي، فان الطبيب سيقوم بالفحص الجسدي، لتقدير مرحلة الحمل. كما أن الطبيب يقوم بالفحص المهبلي لاكتشاف حالة عنق الرحم واذا ما كان متوسعاً.

كما ذكر فان بعض الحالات تحتاج لاجراء اختبارات لتشخيص الاجهاض التلقائي. كما أن الاختبارات تُساعد على اكتشاف المضاعفات للاجهاض التلقائي واستبعاد حالات تؤدي الى أعراض مشابهة، كالحمل خارج الرحم. لذا يُمكن القول أنه يتم اجراء الاختبارات في جميع الحالات.

أبرز الاختبارات المستخدمة هي:

  • التخطيط فوق الصوتي (Ultrasound): التخطيط فوق الصوتي هو اختبار تصويري لرؤية الرحم وأعضاء الجهاز التناسلي الداخلية. يعمل التخطيط فوق الصوتي بناءً على ارسال موجات فوق صوتية من جهاز خاص الى الجسم، ومن ثم تُعكس هذه الموجات ليلتقطها الجهاز ويحولها الى صورة.

يُمكن وضع الجهاز على جلد البطن أو الحوض، أو في داخل المهبل- Trans Vaginal Ultrasound. بواسطة الاختبار يمكن رؤية محتوى الرحم، اذا كان يحوي جنيناً أم لا، تشخيص نوع الاجهاض التلقائي، تشخيص عيوب في مبنى الرحم. بالاضافة الى ذلك يُمكن تحديد مرحلة الحمل اذا ما وجد الجنين، وفحص الأغشية والأنسجة المحيطة بالجنين.

عند الأسبوع الخامس أو السادس من الحمل فان نظم قلب الجنين يبدأ بالظهور، ويُمكن اكتشافه أيضاً بالتخطيط فوق الصوتي. اكتشاف دقات قلب الجنين خلال التخطيط فوق الصوتي، قد تدل على أن الاجهاض التلقائي لم يحدث وما زال الحمل مستمراً. أما عدم وجود دقات قلب الجنين- في مرحلة حمل من المفروض أن تظهر بها- تدل على حدوث الاجهاض التلقائي.

يُساعد التخطيط فوق الصوتي على استبعاد الحمل خارج الرحم وحالات أخرى ذو أعراض مشابهة.

  • تعداد الدم الكامل (CBC- Complete Blood Count): اختبار هدفه تشخيص فقر الدم اذا ما فقدت المريضة الكثير من الدم.
  • اختبار نسبة هرمون الحمل في الدم (Beta HCG): هرمون الحمل (Beta HCG) هو هرمون تقوم المشيمة بافرازه، وترتفع نسبته في الدم عند الحمل. اذا ما لم تلائم نسبة الهرمون مرحلة الحمل، أو أنه ارتفع بشكل غير منتظم، يجب استبعاد الحمل خارج الرحم.

ترتبط المضاعفات بالاجهاض التلقائي، وبامكانيات العلاج المتوفرة.

من اهم المضاعفات:

  • النزيف: كلما كان الحمل متقدماً، كان النزيف أشد. قد تظهر أعراض وعلامات فقدان الدم نتيجة النزيف، كالدوار، العصبية، ضغط الدم المنخفض، فقدان الوعي ومن ثم الصدمة.
  • العدوى، وقد تؤدي الى الانتان (Sepsis).
  • العقم نتيجة لتغييرات في الرحم.
  • مضاعفات العلاج وخاصةً التوسيع والكشط (D&C- Dilatation & Curettage)، وسيتم ذكرها لاحقاً.
  • اختفاء التوأم (Vanishing Twin): يُسمى الاجهاض التلقائي لأحد التوأمين باختفاء التوأم. لا يوجد فرق في الأعراض أو العلامات الا أن الاجهاض التلقائي يحدث بكثرة عند وجود توأم، ويُقدر المعدل بحوالي 20% من حالات حمل التوأم.

تتمحور الوقاية من الاجهاض التلقائي في التحكم بأمراض المرأة الحامل، كالسكري وضغط الدم المرتفع.

بالاضافة الى ذلك يجب تجنب المواد السامة التي قد تُسبب الاجهاض التلقائي كالتدخين. ان الحفاظ على النظافة وتجنب العدوى تُقلل هي الأخرى من معدل حدوث الاجهاض التلقائي.

اذا ما بدء الاجهاض التلقائي بالحدوث، فلا توجد طريقة لايقافه.

هدف العلاج هو الحفاظ على الأم وتجنب المضاعفات. توجد عدة امكانيات علاج للاجهاض التلقائي، ويختلف استعمالها وفقاً لنوع الاجهاض التلقائي:

  • المتابعة.
  • العلاج بالأدوية.
  • المعالجة الجراحية.

متابعة حالة الاجهاض التلقائي

معظم حالات الاجهاض التلقائي لا تتطلب علاجاً خاصاً سوى المتابعة وتجنب المضاعفات.

ان الاجهاض الكامل والاجهاض المهدد، هي معظم الحالات التي تحتاج للمتابعة فقط. يجب مراقبة المرأة الحامل للتأكد من عدم فقدان الدم الشديد. غالباً ما يخرج محتوى الحمل خلال أسبوع، لكن بعض الحالات قد تحتاج الى 3-4 أسابيع. من المهم التأكد من عدم وجود أعراض، علامات ومتابعة المريضة عن كثب.

العلاج بالأدوية

حالات الاجهاض التلقائي التي لا يخرج فيها محتوى الحمل لوحده يُمكن علاجها بالأدوية.

تبرز هذه الحالات اذا ما كان الحمل متقدماً، أي بعد الأسبوع الثاني عشر. تُستخدم الأدوية لتقليص الرحم وبذلك تساعد على خروج محتوى الحمل من الرحم، كما انها تُقلل من النزيف. توجد أدوية عديدة تعمل على تقليص الرحم وتكون جميعها مجموعة تُسمى Oxytocics.

المعالجة الجراحية 

يتم استخدام المعالجة الجراحية في الحالات التالية:

  1. الحالات الحرجة والمستعجلة، خاصةً اذا ما كان النزيف شديداً ومستمراً.
  2. الاجهاض الحتمي.
  3. الاجهاض الناقص.
  4. ظهور النزيف خلال المتابعة.
  5. فشل العلاج بالأدوية.

لا حاجة لاجراء عمليات جراحية انما يتم اجراء التوسيع والكشط (D&C- Dilatation & Curettage) وهو اجراء يُجرى في غرفة العمليات بعد التخدير الموضعي أو الكلي، وخلاله يتم توسيع عنق الرحم وكشط بطانة الرحم.

خلال الكشط يتم اخراج محتوى الرحم بأكمله ويشمل الجنين والمشيمة. يُساعد التوسيع والكشط على تشخيص سبب الاجهاض التلقائي كالعدوى، حيث يُمكن استخراج عينة من الرحم وزرعها في مزرعة جرثومية لتشخيص العدوى اذا ما وجدت.

قد يؤدي اجراء التوسيع والكشط الى عدة مضاعفات وهي:

  • العدوى: قد تنتقل العدوى من الأدوات المستعملة الى الرحم وتسبب التهاب في الجهاز التناسلي. قد تتفاقم العدوى لتؤدي للانتان وربما الصدمة الانتانية.
  • ثقب الرحم (Uterine Perforation): تُستخدم أدوات حادة في التوسيع والكشط وقد تؤدي لثقب الرحم، أو الأعضاء المجاورة له كالقولولن والمثانة. ثقب أحد الأعضاء يتفاقم ليُسبب التهاب الصفاق (Peritonitis)، والذي قد يكون خطراً وبحاجة الى معالجة جراحية.
  • الالتصاقات (Adhesions): أحد مضاعفات التوسيع والكشط هي ظهور الالتصاقات في داخل الرحم بعد عدة سنين مما يؤدي للعقم.
  • العقم نتيجة للالتصاقت أو ضرر لبطانة الرحم اثر استخدام الأدوات الجراحية.

تعليمات ما بعد الاجهاض التلقائي

بعد الاجهاض التلقائي، يجب تجنب العملية الجنسية لمدة أسبوعين على الأقل، أو ادخال أي شيء الى المهبل كالسدادات القطنية. من المفضل الانتظار لعدة أسابيع قبل محاولة الحمل مرة أخرى.

الاجهاض التلقائي يُسبب الكثير من الازعاج وخليط من المشاعر. واجب الطبيبوالطاقم المعالج تفهم المرأة وتقديم المساعدة  النفسية، وغالباص ما تكون حاجة لتدخل العاملات الاجتماعيات.

12/04/2012