البحة (Hoarsness)

البحة (Hoarsness)

تُعرف البحة بأنها أي تغيير في نوعية أو نغمة صوت الانسان.

من المهم لفت الانتباه الى أن البحة هي عرض وتوجد لها عدة أسباب، لكن البحة ليست مرضاً بحد ذاته.

قد ترافق البحة أعراض أخرى تتعلق بسبب البحة والمرض الذي يؤدي لها.

يهدف تشخيص البحة الى معرفة السبب من ورائها، وتؤدي العدوى الفيروسية خاصةً للعديد من حالات البحة.

قد تكون البحة حادة أو مزمنة. العلاج المناسب للبحة يتعلق، مرة أخرى، بالسبب ومن المهم تشخيص السبب لتقديم العلاج المناسب.

مقدمة صغيرة عن الصوت

لكي نتعرف على أسباب البحة وامكانيات علاجها من المهم ان نتعرف على أعضاء الجسم المسؤولة عن الصوت.

الحنجرة (Larynx) تعد الجزء الأمامي من الرقبة وتكون مثلثة الشكل. تتكون الحنجرة من عدة غضاريف وعدة عضلات تقوم بالحركة.

هدف الحركة هو تحريك الأوتار الصوتية (Vocal Cords) وهي مبنى من العضلات والنسيج الضام بشكل وترين متوازيين- وذلك لفتحهما واغلاقهما.

تتحرك الأوتار الصوتية لتحدد نوعية ونغمة الهواء المدفوع من الرئتين، وبذلك تحدد نغمة الصوت. للحنجرة وظائف أخرى كالانسداد عند بلع الطعام.

لكي يقوم الانسان باصدار صوت ما فهو بحاجة لثلاثة مراحل:

  1. المرحلة الرئوية: وهي المرحلة الأولى حيث تتُنتج الرئة ضغطاً كافياً لدفع الهواء الى الحنجرة. هذه المرحلة مسؤولة أيضاً عن قوة الصوت.
  2. مرحلة الحنجرة: وهي المرحلة التي تحدد نوعية ونغمة الصوت، حيث يمر الهواء المدفوع القادم من الرئتين بالحنجرة وتحرك الأوتار الصوتية بالوتيرة والمدى اللازم لتحديد نوعية ونغمة الصوت. أية خلل في هذه المرحلة قد يؤدي للبحة.
  3. مرحلة الفم: المرحلة الأخيرة المسؤولة عن النطق، حيث تخرج الموجات الصوتية من الحنجرة لتُنطق بالشكل المناسب. الحنك، اللسان والأسنان هي أعضاء تقوم بعملية النطق.

الأحبال الصوتية
الأحبال الصوتية

سنذكر فيما يلي أسباب البحة وامكانيات العلاج المتوفرة لكل سبب.

  • التهاب الحنجرة الحاد (Laryngitis Acute): يؤدي التهاب الحنجرة الى البحة في العديد من الحالات، وذلك لأن الالتهاب يسبب الوذمة والتورم في منطقة الحنجرة مما قد يضر بحركة الأوتار الصوتية أو بالهواء المدفوع من الرئتين، وبذلك يؤدي الأمر للبحة. توجد عدة أسباب لالتهاب الحنجرة أبرزها العدوى على أنواعها:
    • العدوى الفيروسية: أبرز أنواع العدوى التي تسبب التهاب الحنجرة، ومن أبرز أسباب للبحة. عديدة هي الفيروسات التي قد تسبب التهاب الحنجرة وأهمها فيروس الانفلونزا، فيروس كوساكي وغيرها. العدوى الفيروسية محدودة ذاتياً ولا حاجة لعلاجها، لكن تلطيف الأعراض مهم سواءً بالوسائل التقليدية كتناول الشراب الساخن، أو بالأدوية كتناول الأدوية المضادة للألم، تلطيف السعال والزكام.
    • العدوى الجرثومية: عدة جراثيم قد تسبب التهاب الحنجرة، لكن الأمر أقل شيوعاً من العدوى الفيروسية. الجراثيم التي قد تؤدي لالتهاب الحنجرة هي الجرثومة العقدية الرئوية (Streptococcus Pneumonia)، الجرثومة العنقودية الذهبية (Staphylococcus Aureus)، وأخرى أقل شيوعاً. غالباً ما تكون العدوى الجرثومية أشد من الفيروسية وتؤدي للحرارة المرتفعة، ألم الحلق، البحة، الضعف والوهن، ألم العضلات والمفاصل. يتم علاج العدوى الجرثومية بتناول المضادات الحيوية لعدة أيام، ومن المهم تناول العلاج بأكمله للقضاء على الجراثيم.
    • الفطريات قد تسبب التهاب الحنجرة الا أنها نادرة وغالباً ما تصيب مرضى نقص جهاز المناعة.

التهاب الحنجرة قد يحدث اثر أسباب غير عدوائية كاستخدام الصوت بشدة، في حالة الصراخ أو الغناء. أيضاً هنا لا حاجة لعلاج التهاب الحنجرة الحاد والأمر محدود ذاتياً وتختفي البحة خلال عدة أيام.

  • التهاب الحنجرة المزمن (Chronic Laryngitis): هو التهاب يستمر لأكثر من ثلاثة أشهر. لهذا الالتهاب أسباب تختلف عن أسباب الالتهاب الحاد وهي:
    • التدخين: والحل الوحيد هو الاقلاع عن التدخين.
    • الكحول.
    • استعمال الصوت الشديد، ويبرز الأمر لدى المغنيين، المعلمين وكل من يُكثر من الحديث أو الصراخ أو الغناء. لعلاج الالتهاب من المهم الراحة والكف عن استخدام الصوت بكثرة. استخدام الصوت بكثرة يؤدي لنمو عقد الأوتار الصوتية (Vocal Cords Nodules). نادراً ما يحتاج الأمر للمعالجة الجراحية.
    • التهاب الجيوب الأنفية المزمن.
    • مواد كيميائية قد تُستنشق خلال العمل وتؤدي لالتهاب مزمن. العلاج هو استخدام الكمامات أو عدم التعرض للمواد.
    • داء الجزر المعدي المريئي (GERD) من أبرز أسباب البحة المزمنة، ويتم علاجه بواسطة تناول الأدوية المضادة للجزر من فئة مثبطات مضخات البروتين (PPI).
  • أورام الحنجرة: تسبب انسداداً في الحنجرة وقد يؤدي الأمر الى البحة اثر اعاقة تقدم الهواء من الرئتين أو اثر التأثير على حركة الأوتار الصوتية. من الممكن أن تكون الأورام حميدة أو خبيثة.
    • الأورام الحميدة: أبرز الاورام الحميدة التي تؤدي للبحة المزمنة هي الأورام الحليمية التنفسية (Respiratory Papillomatosis)- مرض يسببه فيروس الورم الحليمي (HPV- Human Papilloma Virus). عدوى الفيروس تسبب نمو الأورام في الحنجرة، خاصةً في سن المراهقة. قد تُشفى هذه الأورام لوحدها أحياناً، لكن من المفضل علاجها بواسطة جذها بالليزر أو بثاني أوكسيد الكربون.
    • الأورام الخبيثة: رغم أنها غير شائعة الا أن التدخين والمشرويات الكحولية تسبب أورام الحلق أو الحنجرة من نوع السرطانة حرشفية الخلايا (SCC- Squamous Cell Carcinoma). الأورام صعبة العلاج ويُمكن علاجها جراحياً باستئصالها موضعياً. بعض الأورام، وفقاً للتصنيف المرحلي، قد تحتاج لعمليات جراحية كبيرة في الرقبة. سرطان الغدة الدرقية قد تجتاح الحنجرة هي الأخرى وتسبب البحة.
  • الاصابات والرضخ: الاصابات والرضخ للحنجرة من شأنها أن تؤدي للبحة. تنبيب القصبة الهوائية (Endotracheal Intubation) هو سبب بارز ومهم للبحة. يُجرى تنبيب القصبة الهوائية خلال عمليات الانعاش أو عند التخدير الكلي، ويمر الأنبوب من خلال الحنجرة ليصل للقصبة الهوائية. طبعاً يهدف التنبيب للمساعدة في التنفس. كثيرة هي حالات البحة عند تنبيب القصبة الهوائية، وكثيرة هي الحالات المحدودة ذاتياً والتي تزول عند ازالة الأنبوب. قد يؤدي التنبيب الى تورم موضعي في الحنجرة. في حال استمرار البحة بعد اخراج الأنبوب يُمكن علاج الحالة بالستيرويد أو اجراء عملية جراحية لاستئصال تورم مزمن.

استخدام الصوت بشدة يؤدي لاصابات طفيفة في الأوتار الصوتية، والأمر يؤدي للبحة. أية اصابة أخرى اثر الرضخ قد تؤدي للبحة. قد تحدث الاصابات اثر عوامل أخرى مثل:

  1. العلاج بالأشعة لمنطقة الرقبة.
  2. العمليات الجراحية في الرقبة.
  3. التخدير الكلي.
  • سلائل الأوتار الصوتية (Vocal Cords Polyps): هي سلائل تنمو على الأوتار الصوتية وتسدها وقد تؤدي للبحة. تنمو هذه السلائل اثر تعرض الأوتار الصوتية للتدخين، الجزر المعدي المريئي ومواد تسبب الحساسية. غالباً ما تنمو السلائل على وتر واحد فقط، ويُمكن علاجها عند التوقف عن التعرض للمادة المضرة (كالاقلاع عن التدخين مثلاً). بعض الحالات تحتاج للمعالجة الجراحية.
  • الأدوية: العديد من الأدوية قد تسبب البحة المزمنة وأبرزها الأدوية التالية:
  1. مضادات الهيستامين.
  2. الأدوية المضادة للاحتقان.
  3. مدرات البول.
  4. محصرات مستقبلات الألفا.
  5. الأدوية المضادة للسعال.
  6. الأدوية المضادة للاكتئاب.
  7. مضادات الالتهاب اللاستيرويدية.

وغيرها أخرى عديدة.

  • أسباب خلقية: بعض الأسباب للبحة قد تكون خلقية وتؤدي للبحة لدى المواليد الجدد. مُعظم هذه الأسباب هي عيوب خلقية. التضيق تحت المزمار (Subglottic Stenosis)، تلين الحنجرة (Laryngomalacia) و رتق الحنجرة (Laryngeal Atresia) هي أسباب خلقية.
  • شلل الأوتار الصوتية (Vocal Cord Paralysis): يحصل شلل الأوتار الصوتية اثر اصابة العصب المغذي للأوتار الصوتية أو اصابة عضلات الأوتار نفسها. قد يصاب العصب الحنجري الراجع (Recurrent Laryngeal Nerve)، المغذي للأوتار الصوتية، اثر عدة أسباب:
    • أورام الدماغ، الرقبة والصدر قد تضغط على العصب وتؤدي لشلله.
    • أم الدم في الشريان الأبهر (Aortic Aneurysm).
    • العمليات الجراحية في الرقبة كاستئصال الغدة الدرقية.
    • العلاج بالأشعة للرقبة أو الصدر.
    • أسباب مجهولة تُشكل 30% من الحالات.
    • شلل خلقي.
    • النوبة الدماغية.

قد يُشل العصب من جانب واحد او من الجانبين، وعندها تختلف الأعراض لدى المريض. تزداد البحة عند شلل عصب واحد فقط، بينما يؤدي شلل العصبين لانسداد الأوتار الصوتية ولضائقة تنفسية شديدة.

للبحة العديد من الأسباب وقد تصاحبها أعراض عديدة وفقاً للمرض الذي يؤدي لها.

الأعراض التالية قد تصاحب البحة:

  • السعال.
  • الحرارة المرتفعة.
  • ألم الحلق.
  • ألم الأذنين.
  • نفث الدم أي السعال الدموي أو بصق الدم.
  • حرقة الفؤاد.
  • الزكام.
  • تورم العقد اللمفاوية في العنق.
  • ضيق النفس.

يعتمد تشخيص اسباب البحة على التاريخ المرضي للمريض، كما من المهم استخدام بعض الاختبارات لتشخيص السبب.

اذا كنتم تشكون من البحة من المهم التوجه لطبيب العائلة أو لطبيب الأنف، الأذن والحنجرة.

يهتم الطبيب بمدة البحة، وفي حال كانت لأكثر من أسبوعين من المهم زيارة طبيب الأنف، الأذن والحنجرة.

توجد العديد من العوامل المرتبطة بالبحة كالتهاب الحنجرة، التهاب الحلق، الصراخ، الغناء، التدخين والمشروبات الكحولية. عمليات سابقة في منطقة الحنجرة تزيد من احتمال البحة.

خلال الفحص الجسدي يهتم الطبيب بتمييز نغمة الصوت، ونوع البحة. كما يبحث عن علامات أخرى تدل على أسباب قد تؤدي للبحة. اختلاف نغمة البحة تدل على أسباب مختلفة.

تُجرى الاختبارات التالية لتشخيص سبب البحة:

  • مراة الحنجرة (Laryngeal Mirror): مراة صغيرة يقوم الطبيب بادخالها حتى سقف الحلق وتعكس صورة الحنجرة. يُمكن تسخيص بعض الأسباب بواسطة هذا الاختبار الا أنه ليس الأكثر دقة.
  • تنظير الحنجرة (Laryngoscopy): عبارة عن اجراء يتم بواسطة ادخال منظار من الفم الى الحنجرة. يحوي طرف المنظار كاميرا يُمكن بواسطتها مشاهدة داخل الحنجرة والأوتار الصوتية وتشخيص أسباب البحة. توجد عدة أنواع من المنظار ويُمكن تنفيذ الاختبار بعدة طرق. من حسنات تنظير الحنجرة امكانية القيام باجراء علاجي خلال الاختبار، على سبيل المثال استئصال أورام الحنجرة.
  • جهاز التصوير الحنجري (Videostroboscopy): جهاز تصويري يُدخل بطريقة مشابهة لتنظير الحنجرة، ويقوم الجهاز بتصوير الأوتار الصوتية وعملها. كما أن الجهاز يحوي جهاز التقاط للاشارات الكهربائية في الأوتار الصوتية ويقوم بتسجيل الاشارات ورسمها كتخطيط. تسجيل الفيديو يجعل المقارنة بين حالة الأوتار قبل وبعد العلاج ممكنة.
  • مخطط كهربية العضل الحنجري (Laryngeal Electomyogram): اختبار يفحص الاشارات الكهربائية في عضلات الحنجرة ويقوم بتسجيلها كتخطيط. يُستخدم الاختبار لتشخيص أمراض في العصب أو العضلات التي قد تؤدي للبحة.
  • الاختبارات التصويرية كالتصوير الطبقي المحوسب (Computerized Tomography): والتصوير بالرنين المغناطيسي (Magnetic Resonance Imaging) تُستخدم أحياناً وخاصةً لتشخيص وتقييم الأمراض السرطانية.
20/12/2012