التهاب الجيوب الأنفية (Sinusitis)

التهاب الجيوب الأنفية (Sinusitis)

التهاب الجيوب الأنفية هو التهاب ناتج عن عدوى، غالباً فيروسية أو جرثومية، تصيب الجيوب الأنفية وتؤدي لأعراض كالحرارة المرتفعة، الزكام، السعال، ألم الأنف وغيرها.

قد يكون الالتهاب غير عدوائياً في بعض الأحيان. التهاب الجيوب الانفية يكون حاداً أو مزمناً. مُعظم حالات الجيوب الأنفية محدودة ذاتياً ولا حاجة لعلاجها، لكن المضادات الحيوية لازمة أحياناً، وكذلك المعالجة الجراحية لالتهاب الجيوب الأنفية المزمن.

التهاب الجيوب الأنفية
التهاب الجيوب الأنفية

الجيوب الأنفية عبارة عن مجموعة من الفراغات الموجودة حول جوف الأنف.

توجد أربعة أزواج جيوب أنفية:

  1. الجيب الغربالي (Ethmoidal Sinus): وموجود لدى الأطفال منذ الولادة ويقع فوق الأنف وبجانب العين.
  2. الجيب الجبهي (Frontal Sinus): يوجد في الجبهة وينمو بكامله عند سن السابعة.
  3. جيب الفك العلوي (Maxillary Sinus): يقع فوق الفك العلوي من جانبي الأنف وينمو بكامله عند سن السنتين.
  4. الجيب الوتدي (Sphenoid Sinus): ينمو بكامله عند سن السابعة، ونادراً ما يصاب بالتهاب الجيوب الأنفية.

الجيب الغربالي وجيب الفك العلوي هما الأكثر عرضةً للاصابة بالتهاب الجيوب الأنفية. وظيفة الجيوب الأنفية الأساسية هي صرف الافرازات.

يحدث التهاب الجيوب الأنفية عند الاصابة بالعدوى، لكن هناك حاجة لعوامل اخرى لكي تنمو الميكروبات، خاصةً في التهاب الجيوب الأنفية المزمن.

العوامل التالية تزيد من احتمال الاصابة بالتهاب الجيوب الأنفية:

  • تراكم المخاط في الجيب الأنفي مما يعوق صرف افرازاته ويشجع نمو الميكروبات.
  • الأرجية (Allergy) أي التحسس الذي غالباً ما يسبب انسداد الجيوب الأنفية.
  • السلائل (Polyps) في الأنف تؤدي هي الأخرى لانسداد الجيوب الأنفية.
  • انحراف الحاجز الأنفي (Nasal Septum Deviation).
  • الأورام في الأنف قد تؤدي للانسداد.
  • التدخين.
  • الأجسام الغريبة في الأنف.
  • أسباب علاجية المنشأ (Iatrogenic) كادخال أنبوب في الأنف.

جميع هذه العوامل قد تؤدي لانسداد في الجيوب الأنفية أو في فتحات صرفها للأنف مما يزيد الاحتمال للاصابة بالتهاب الجيوب الانفية.

عوامل أخرى تشمل السباحة، التهاب الأسنان، اصابة الأنف، الزكام، وداء التليف الكيسي (Cystic Fibrosis).

الانسداد يؤدي لتراكم افرازات الجيوب الأنفية والأمر يُشجع نمو الجراثيم.

يُصنف التهاب الجيوب الأنفية وفقاً لعدة عوامل لكن أبرزها الزمن، وذلك لاختلاف الأسباب وامكانيات العلاج وفقاً لمدة المرض.

تبعاً لمدة المرض يتم تصنيف التهاب الجيوب الانفية:

  1. التهاب الجيوب الانفية الحاد (Acute Sinusitis): حتى 4 أسابيع.
  2. التهاب الجيوب الأنفية المزمن (Chronic Sinusitis): يستمر لأكثر من 12 أسبوع.

أسباب التهاب الجيوب الأنفية الحاد - مُعظم حالات التهاب الجيوب الأنفية الحاد تسببها ذات الفيروسات التي تسبب الزكام، وتشمل:

  • فيروس الانفلونزا.
  • الفيروسة الغدانية (Adenovirus).
  • الفيروس المخلوي التنفسي (RSV- Respiratory Syncytial Virus).
  • فيروس نظير الانفلونزا (Parainfluenza Virus).

الجراثيم التي تسبب التهاب الجيوب الانفية الحاد أقل شيوعاً من الفيروسات وهي:

  • الجرثومة العقدية الرئوية (Streptococcus Pneumonia).
  • الجرثومة العنقودية الذهبية (Staphylococcus Aureus).
  • الجراثيم اللاهوائية (Anaerobes).
  • الجرثومة الزائفة (Pseudomonas) تصيب خاصةً مرضى داء التليف الكيسي.
  • غيرها أنواع أقل شيوعاً.

في حالات غير شائعة فان الفطريات تسبب التهاب الجيوب الأنفية الحاد ويبرز الأمر لدى مرضى السكري وفي أمريكا الشمالية.

أعراض التهاب الجيوب الأنفية الحاد – تظهر الأعراض بشكل حاد وتستمر على الأكثر لمدة أربعة أسابيع، رغم أنها لا تتعدى الأسبوعين في معظم الحالات. وتبدأ الأعراض كحالة زكام لا تتحسن خلال عدة أيام.

توجد أعراض أخرى تصاحب أعراض الزكام:

  • السعال.
  • الحرارة المرتفعة.
  • ألم الرأس خاصةً في الجبين.
  • ألم الأنف.
  • الايلام عند لمس الانف أو الجيوب الأنفية.
  • انتفاخ الوجه خاصةً حول العيون.
  • افراز القيح من الأنف.
  • فقدان مؤقت لحاسة الشم.
  • احتقان الأنف.
  • ألم الأسنان وحتى الألم أثناء مضغ الطعام.

تشخيص التهاب الجيوب الأنفية الحاد

يعتمد تشخيص التهاب الجيوب الأنفية الحاد على التاريخ المرضي وتشخيص الأعراض وعلامات المرض لدى المريض.

من المهم التمييز بين الالتهاب الفيروسي وبين الالتهاب الجرثومي وذلك لاختلاف العلاج. غالباً ما يؤدي التهاب الجيوب الأنفية الجرثومي لأعراض مستمرة لأكثر من أسبوع ولأعراض شديدة، أما التهاب الجيوب الأنفية الفيروسي سيؤدي لأعراض تستمر لعدة أيام وغالباً ما تكون غير شديدة.

بعض الاختبارات قد تُستخدم لتشخيص التهاب الجيوب الأنفية الحاد:

  • الاضاءة النافذة (Tranillumination): هو أكثر الاختبارات استخداماً لتشخيص التهاب الجيوب الأنفية الحاد، ويُجرى بحيث يُضاء على الجيوب الأنفية بواسطة مصباح ويُمكن رؤية ظل الالتهاب داخل الجيوب الأنفية. سلبية الاختبار هي عدم قدرته على التمييز بين الالتهاب الفيروسي وبين الالتهاب الجرثومي.
  • التصوير بالأشعة السينية (X- Ray): اختبار تصويري للجمجمة ويُمكن من خلاله مشاهدة سائل الالتهاب داخل الجيوب الأنفية.
  • شفط الجيوب الأنفية (Sinus Aspiration): هو اختبار قليل الاستخدام وهدفه شفط سائل الالتهاب من الجيوب الأنفية بواسطة ابرة، ومن ثم زرع السائل في المزرعة الجرثومية لتشخيص الالتهاب الجرثومي. يُجرى الاختبار في حال انتشار التهاب الجيوب الأنفية الى الدماغ.
  • التصوير الطبقي المحوسب (CT- Computerized Tomography): يُستخدم أحياناً لتشخيص التهاب الجيوب الأنفية، واستخدام الاختبار محدود لحالات صعبة التشخيص ومستمرة الاعراض. من النادر أن يُستخدم الاختبار.

علاج التهاب الجيوب الأنفية الحاد

يختلف العلاج وفقاً لسبب التهاب الجيوب الأنفية الحاد. يهدف علاج التهاب الجيوب الأنفية الحاد الفيروسي لتلطيف الأعراض والانتظار حتى يقوم الجسم بشفاء نفسه. بالاضافة الى ذلك يهدف العلاج للوقاية من المضاعفات. لذا تُستخدم الأدوية التالية:

  • مضادات الالتهاب اللاستيرويدية (NSAIDS) والتي تسكن الألم وتقلل من درجة الحرارة المرتفعة.
  • مضادات الهيستامين (Anti Histamines) تُستخدم لتلطيف الاحتقان في الأنف وتلطيف أعراض الزكام.
  • الأدوية المضادة للسعال ولاحتقان الأنف تُستخدم أيضاً لتلطيف الأعراض.
  • غسل الأنف بالماء والملح قد يساعد أيضاً.

في حال فشل العلاج واستمرار الأعراض لأكثر من أسبوع من الزمن، أو في حال وجود أعراض شديدة فان الأمر يدل على وجود التهاب جرثومي. أساس علاج التهاب الجيوب الأنفية الحاد الجرثومي هو بالمضادات الحيوية (Antibiotics).

أكثر أنواع المضادات الحيوية استخداماً هي من مشتقات البنتسيلين (Penicillin)، مثل الأوغمنتين (Augmentin). عند فشل العلاج أعلاه تُستخدم المضادات الحيوية من نوع السيفالوسبورين (Cephalosporines).

ما يقارب 10% من المرضى لا يستجيبون للعلاج الأولي بالمضادات الحيوية، وعندها تبرز الحاجة لشفط سائل الالتهاب بواسطة ابرة شافطة لدى طبيب الأنف، الأذن والحنجرة.

قلة من المرضى يحتاجون لشفط السائل بطريقة جراحية ولتناول العلاج بالمضادات الحيوية عن طريق الوريد، وهؤلاء هم المصابون بالمضاعفات أو أصحاب التهاب الجيوب الأنفية الحاد الشديد.

التهاب الجيوب الأنفية المزمن هو أي التهاب للجيوب الأنفية يستمر لأكثر من 12 أسبوع، ويُعتبر المرض أكثر الأمراض المزمنة شيوعاً التي يتم تشخيصها.

يشكل المرض حالة مستعصية في الكثير من الحالات ومن الصعب أن يشعر المرضى بتحسن ملحوظ من حيث الأعراض، كما أن الكثير من المرضى يحتاجون لعلاج مزمن ومستمر بالمضادات الحيوية أو للمعالجة الجراحية.

أسباب التهاب الجيوب الأنفية المزمن

غالباً ما يكون التهاب الجيوب الأنفية المزمن نتيجةً لالتهاب الجيوب الأنفية الحاد، لكن توجد عوامل أخرى مثل:

  • انسداد الجيوب الأنفية لأسباب عدة كوجود جسم غريب، سلائل الجيوب الأنفية وغيرها.
  • الأرجية (Allergy) أي التحسس.
  • ضعف جهاز المناعة.
  • العمليات الجراحية في الجيوب الأنفية في السابق.
  • التدخين.
  • اصابات الوجه والأنف اثر الحوادث، السقوط.
  • داء التليف الكيسي.

غالباً ما تكون الجراثيم هي السبب الرئيسي لالتهاب الجيوب الأنفية المزمن، خاصةً الجرثومة العنقودية الذهبية (Staphylococcus Aureus)، الجراثيم اللاهوائية (Anaerobes) والجرثومة الزائفة (Pseudomonas). الفيروسات تقريباً لا تؤدي لالتهاب الجيوب الأنفية المزمن، والفطريات أيضاً.

أعراض التهاب الجيوب الأنفية المزمن

  • السعال.
  • الحرارة المرتفعة.
  • ألم الرأس المزمن خاصةً في الجبين.
  • انسداد الأنف مما يؤدي للتنفس عبر الفم وبذلك لجفاف الحلق ولألم الحلق.
  • الايلام عند لمس الانف أو الجيوب الأنفية.
  • انتفاخ الوجه خاصةً حول العيون في الصباح.
  • افرازات من الأنف.
  • فقدان حاسة الشم.
  • فقدان حاسة الذوق.
  • احتقان الأنف.
  • نتن النفس (Halithosis) أي الرائحة الكريهة من الفم.

تشخيص التهاب الجيوب الأنفية المزمن 

كحال الالتهاب الحاد، فان التاريخ المرضي، الأعراض والعلامات تلعب دوراً أساسياً في تشخيص التهاب الجيوب الأنفية المزمن.

الأعراض مهمة للتشخيص، وبعضها ضروري جداً لتشخيص المرض. توجد عدة معايير لتشخيص التهاب الجيوب الأنفية المزمن، وأهمها استمرار الأعراض لأكثر من 12 أسبوع، ووجود أعراض وعلامات نوعية لالتهاب الجيوب الأنفية المزمن كالمذكورة أعلاه.

وجود أحد المعايير التالية يزيد من احتمال وجود التهاب الجيوب الأنفية المزمن:

  • افرازات أنفية.
  • سلائل أنفية.
  • انتفاخ داخل الأنف أو من خارجه.
  • تضخم الطبقة المخاطية في الجيوب الأنفية، تغييرات في شكل العظام أو وجود سائل في الجيوب الأنفية. هذه المعايير تلاحظ في اختبار التصوير الطبقي المحوسب- والذي يُستخدم كثيراً لتشخيص التهاب الجيوب الأنفية المزمن.

الاختبارات التصويرية التالية تُستخدم لتشخيص التهاب الجيوب الأنفية المزمن:

  • التصوير بالأشعة السينية (X- Ray)، اختبار تصويري للجمجمة ويُمكن من خلاله مشاهدة سائل الالتهاب داخل الجيوب الأنفية.
  • التصوير الطبقي المحوسب (CT- Computerized Tomography) والذي يدل على علامات التهاب الجيوب الأنفية المزمن كالمذكورة أعلاه.

علاج التهاب الجيوب الأنفية المزمن

يهدف علاج التهاب الجيوب الأنفية المزمن الى تلطيف الاعراض، القضاء على الميكروب المسبب للالتهاب، ازالة السبب في حال أمكن ذلك والوقاية من المضاعفات.

العلاج بالأدوية هو الخطوة الأولى في علاج التهاب الجيوب الانفية المزمن، ويتكون العلاج من الأدوية التالية:

  1. المضادات الحيوية (Antibiotics): وهي حجر الاساس في علاج التهاب الجيوب الأنفية المزمن، نظراً لأن معظم الحالات هي جرثومية السبب. يستمر العلاج بالمضادات الحيوية لمدة 3- 4 أسابيع، وغالباً ما يتم تناول الحبوب غير أن الحالات الشديدة تحتاج لتناول المضادات الحيوية عن طريق الوريد. المضادات الحيوية المستخدمة مشابهة لتلك المستخدمة لعلاج التهاب الجيوب الانفية الحاد.
  2. الأدوية المضادة للاحتقان (Decongestants): ويُمكن تناولها كبخاخات أنفية أو حبوب. تُستخدم الأدوية من مجموعة محصرات مستقبلات الألفا (Alpha Blockers).
  3. الستيرويد (Steroids): تساعد في تلطيف الالتهاب والأعراض، خاصةً عند وجود التحسس.

المعالجة الجراحية تُجرى في حال عدم الاستجابة للعلاج بالأدوية. ويختلف نوع المعالجة الجراحية وفقاً لسبب التهاب الجيوب الأنفية المزمن.

تهدف المعالجة الجراحية الى تصريف الجيب الأنفي من الالتهاب وازالة الانسداد. العمليات الجراحية الأساسية هي العملية الجراحية بتنظير الجيب الأنفي (FESS- Functional Endoscopic Sinus Surgery) وتُجرى العملية الجراحية بالتخدير الكامل عادةً، ويقوم جراح الأنف باجراء العملية الجراحية. يتم ادخال منظار للأنف ومنه للجيوب الأنفية، ومن ثم تتم ازالة السائل الالتهابي وازالة الطبقة المخاطية الملتهبة، وكما يتم توسيع فتحات صرف الجيوب الأنفية للأنف.

تلائم العملية الجراحية للمرضى المستعصيين على المعالجة بالأدوية. مضاعفات العملية الجراحية هي النزيف، العدوى، اصابة العين، أو اصابة داخل الدماغ، لكن نسبة المضاعفات قليلة جداً.

لالتهاب الجيوب الأنفية عدة مضاعفات، تتعلق بشدة ومدة الالتهاب وبنوع الميكروبات المسببة للالتهاب.

أكثر المضاعفات شيوعاً هي:

  • التهاب الجيوب الأنفية المزمن (Chronic Sinusitis): كاحد مضاعفات التهاب الجيوب الأنفية الحاد.
  • السليلة المخاطية (Mucocele): سليل من المخاط يتكون داخل الجيوب الأنفية، ونادراً ما يؤدي لأية أعراض ولا حاجة لأية علاج. قد تسد السليلة المخاطية الجيوب الأنفية وعندها يتوجب استئصالها بعملية جراحية. تنمو السليلة المخاطية ببطء وتحتاج لأكثر من عشرة سنوات لتؤدي لأية أعراض.
  • التهاب الهلل الحجاجي (Orbital Cellulitis): التهاب يصيب طبقة الهلل من الجلد من حول العين.
  • خثار الجيب السهمي (Sagittal Sinus Thrombosis): تخثر للدم في الجيب السهمي، وهو أحد الأوردة الرئيسية التي تصرف الدم من الدماغ.
  • الخراج داخل المخ (Cerebral Abscess): تجمع للالتهاب والقيح داخل الدماغ.
  • التهاب السحايا (Meningitis).
  • الخراج فوق الجافية (Epidural Abscess): خراج اخر يقع فوق الجافية وهي أحد طبقات غشاء الدماغ.
16/12/2012