الحصى في الكلى.. كيف تتكون وما اسبابها وطرق علاجها

هذا المقال تمت الموافقه عليه من قبل الطاقم المهني

• د. الياس اسحاق: في بعض الأحيان نعتمد على العلاج بالأعشاب الفعالة جدا للتخلص من الحصى • تطور هذا المجال جعل عمليات شق الكلية او الحالب خارج قاموس علاجاتنا! • استخراج الحصى من المثانة بدأت في عهد الفراعنة وهي من اول العمليات التي عرفها التاريخ البشري

الحصى في الكلى.. كيف تتكون وما اسبابها وطرق علاجها

د. الياس اسحاق، من مواليد قرية الجش، عام 1959، انهى دراسته الابتدائية في قريته الجش، وبسبب عدم وجود مدارس ثانوية في القرى في تلك الحقبة الزمنية، انتقل الى مدينة حيفا، وانهى دراسته الثانوية في الكلية العربية الأرثوذكسية، ومن ثم التحق بمعهد "التخنيون" درس موضوع الكيمياء في البداية، وبعد السنة الثانية له اكتشف انه ليس الموضوع المناسب له، فسافر الى ايطاليا لدراسة موضوع الطب في جامعة "بادوفا" ثم عاد الى البلاد عام 1975 للتدريب في مستشفى "بني تسيون" وكان اسمه "روتشيلد" في حينه، وفي العام 1983 انهى تخصصه في علاج المسالك البولية، وفي سنة 1984 جاء الى مستشفى العائلة المقدسة في الناصرة، وتلى ادارة المستشفى بين السنوات 1985 – 2000 ومنذ ذلك الحين يشغل د. الياس اسحاق منصب مدير قسم جراحة الكلى والمسالك البولية، متزوج من ديانا ولديه اربعة ابناء.

* الحصى في الكلى كيف تتكون وما اسبابها؟

د. اسحاق: قبل ان نتحدث عن اسباب وتكوّن الحصى دعنا نأخذ نبذة تاريخية عن الحصى في المسالك البولية وننوه الى ان واحدة من اوائل العمليات التي عرفتها البشرية منذ القدم، هي عملية الحصى في المثانة وهذا اثبت لدى الفراعنة في المومياوات. وما كان يميز الحصى في المسالك البولية ان غالبيتها كانت في المثانة، وغالبيتها مركبة من حامض اليوريك وكانت تنتج لدى الاشخاص في سن مبكرة.

مع السنوات طرأت تغيرات بحيث اصبحت الحصى تتكون في الكلى وممكن ان تتحرك عبر الحالب الى المثانة، وغالبية الحصى اليوم تتكون من الكلس بنسب اعلى بكثير من حامض اليوريك. وتتراوح نسبة الحصى من حامض اليوريك 7% مقابل نحو 85 – 90% تتشكل من الكلس، وبعضها يتشكل من السيستين او خليط من مواد (حجارة او حصى) تكونت نتيجة التهاب وربما يدخل فيها تركيبها الأمونيوم والمغنيزيوم والفوسفات. وتتكون هذه الحصى اليوم لدى أشخاص في مقتبل العمر (من سن 35 وما فوق) وليس لدى الأطفال.

حصى الكلى

* ما الأسباب؟

د. اسحاق: لا يوجد تفسير واضح او سبب واضح لتكون الحصى، لدرجة اننا نقول "لو أخذنا 100 شخص يعانون من الحصى في المسالك البولية، واجرينا عليهم كل فحوصات شاملة، فربما ننجح في ايجاد الأسباب لدى 7% فقط من مجمل المئة حالة. وقد يكون السبب ناجم عن خلل في اداء الغدة فوق الدرقية، المسؤولة عن توازن منسوب الكالسيوم في الجسم، او لدى اولئك الذين لديهم نسب عالية من حامض اليوريك في الدم.

* هل هنالك علاقة للأطعمة التي تحتوي على منتجات الحليب مثلا والتي تحتوي على نسب عالية من الكالسيوم تأثير على تكوّن الحصى؟

د. اسحاق: لم يثبت، رغم اننا نطلب احيانا من هؤلاء المرضى ان يتجنبوا منتجات الحليب، لكن اعود واؤكد انه لم يثبت علميا، وجود علاقة بين تناول منتجات الحليب وتكوّن الحصى. فالغالبية منا لا يغيرون من انماط طعامهم وانظمة غذائهم على مدار السنة، فما الذي يجعل الحصى تتكون لدى شخص واحد في العائلة دون سواه رغم ان الجميع يتناولون نفس الطعام؟ وما الذي يجعل الحصى يتكون في كلية واحدة دون الأخرى؟ فهذه الأسئلة لا جواب لها فيما يتعلق بتكوّن الحصى. لذلك نقول ان اسبابها غير واضحة.

* ما مدى نسبة شيوع حالات الحصى في الكلى بين الناس؟ هل هنالك معطيات؟

د. اسحاق: نسب شيوع هذه الظاهرة غير ثابت لأن هنالك مناطق نلحظ فيها نسبا اعلى من غيرها في المجتمعات، لا توجد لدي احصائيات دقيقة عن بلادنا، لكننا نعرف على سبيل المثال انه في فترة الصيف تزداد هذه الحالات بشكل ملحوظ، ما يعني ان كمية السوائل في الجسم تلعب دورا في تشكل الحصى في الكلى، بمعنى ان نقص الماء في الجسم هي سبب أكثر وضوحا من نوعيات الطعام الذي نتناوله، لذلك فاننا ننصح بشرب كميات كبيرة من السوائل في الصيف، والانسان يتعرق كثيرا في الصيف ويفقد كميات كبيرة من السوائل، وان لم يقم بالتعويض عنها بشرب كميات كبيرة من المياه فقد يعاني نوبات الكلى.

* كيف تشخص هذه الحالات، نوعية الحصى مكان وجود الحصى وعددها؟

د. اسحاق: اليوم لدينا وسائل اكثر نجاعة بكثير مما كان عليه الحال في الماضي، فضلا عن الحالات التي يتم فيها اكتشاف وجود الحصى من خلال فحوصات صور وفحوصات "اولترا ساوند" او "سي تي" ربما ليس لها علاقة في بالمشكلة ذاتها. فقد يعاني الشخص من أوجاع في البطن، او الظهر، ويتم توجيهه لاجراء فحص بالأشعة يتضح من خلاله وجود حصى في الكلى. اما الحالات المباشرة التي تصل الينا للتشخيص فاننا نبدأ في فحص أعراض المرض وابرزها آلام حادة جدا قد لا يستطيع الانسان تحملها في اسفل الظهر وباتجاه احدى الخاصرتين، هنا يبدأ الشك بوجود حصى في المسالك البولية او في كيس المرارة اذا كان الوجع من ناحية اليمين، فيتم تحويل المريض لإجراء الصور. قد تكون بواسطة الأولتراساوند (امواج فوق صوتية) او صورة "سي تي" خاصة تعطي نتائج افضل من أي فحص وتكشف عن مكان وجود الحصى وحجم الحصى بدقة متناهية، وما يسبب الأوجاع الحادة هي الحصى الصغيرة التي تتحرك عبر الحالب. بينما عندما يكون الحصى داخل الكلية ولا يسبب أي انسداد في قنوات البول فانه لا يسبب آلاما، وأحيانا يتم الكشف عن حصى كبيرة جدا داخل الكلى قد تسبب انتفاخ الكلية وتلفها دون الشعور بالوجع من قبل، وهذا من سوء حظ المريض.

* هل هنالك اعراض أخرى غير الأوجاع الحادة التي ذكرتها؟

د. اسحاق: هنالك حالات يظهر فيها دم في البول، سواء كان يرى بالعين المجردة او يظهر من خلال فحص البول، فرغم ان هذا العارض هو مؤشر على العديد من الاحتمالات، الا ان واحدة منها هي وجود حصى في الكلى، فعندها يتم توجيه المريض لاجراء الصور. احد الأعراض هي صعوبة التبوّل خاصة لدى الرجال فإن الحصى يحدث انسدادا في مخرج قناة البول من المثانة ويسبب صعوبة تبول او انحسار البول ترافقه آلام حادة. والتشخيص الدقيق هو عن طريق الصور وخاصة الـ"سي تي" الذي يعطي النتائج الأكثر نجاعة ووضوحا.

* بعد ان تم التشخيص واتضح وجود الحصى ما هي مراحل العلاج؟

د. اسحاق: العلاجات اليوم عديدة جدا ومتنوعة. في الماضي عندما بدأت في التخصص كنا نضطر في الكثير من هذه الحالات لإجراء عمليات جراحية، نقوم خلالها بشق الكلية أو الحالب واستخراج الحصى، بينما اليوم هذه العمليات اختفت كليا من "سلاحنا" في التعامل مع الحصى. اليوم نحن نتعامل مع الحصى عن طريق التفتيت منها الخارجي ومنها الداخلي. فاذا كانت الحصوة صغيرة لا تتعدى (5 ملمتر) فاننا قد نعطي فرصة للمريض بأن يتخلص منها تلقائيا عن طريق شرب كميات كبيرة من السوائل او بعض الأعشاب التي تحدث ارتخاء في عضلات الحالب وتمكن الجهاز البولي من التخلص من الحصى. في حال تخلص الجسم من الحصوة يكون المريض محظوظا وينتهي الأمر. اما اذا لم يتمكن من التخلص منها وتسببت بانتفاخ في الكلى او بارتفاع درجة الحرارة نتيجة التهاب فإن الأمر يستدعي تدخل الطبيب.

فإذا كانت الحصوة داخل الكلية وحجمها صغير حتى متوسط يمكن اللجوء الى تفتيت خارجي بواسطة جهاز موجات صدمة داخل حمّام مياه خاص ويتم توجيه موجات الصدمة الى الحصوة مباشرة حتى تتفتت وتخرج غبارا او اجزاء صغيرة جدا في البول.

* ما نسب نجاح هذه العملية؟

د. اسحاق: نسبة النجاح لا بأس بها، فهذا يتوقف بالأساس على حجم الحصوة ونوعيتها. فهنالك حصى صلبة جدا يصعب تفتيتها من خلال هذا الجهاز، وأخرى تتفتت كالرمال وتخرج عبر قنوات البول. لكن اذا كانت الحصوة كبيرة الحجم وصلبة فإننا بالطبع لا نلجأ الى هذا العلاج، بل الى عمليات التوغل الى داخل الكلية، عن طريق ثقب في الخاصرة، وآخر في جدار الكلية، ونقوب بتفتيت الحصى بواسطة اشعة الليزر، واستخراج الأجزاء بعد تفتيتها، وفي بعض الحالات التي لا يكون التفتيت الخارجي ناجعا يمكن التوغل الى او عن طريق العضو الذكري الى المثانة ومنها الى الحالب وصولا الى حوض الكلية مع جهاز ليزر يقول بتفتيت الحصى وامتصاص اجزائها.   

* تم قبل ايام نشر نتائج بحث اجري في مستشفى "سوروكا" في بئر السبع يشير الى ازدياد حالات الاصابة بنوبات الكلى وظهور الحصى بنسبة 25% في شهر الصيام. ما مدى صحة المعلومات؟

د. اسحاق: هذا ما ذكرته لك سابقا، خاصة عندما يحل شهر رمضان في الصيف، فالانسان عندما لا يتناول كمية كافية من المياه يؤدي ذلك لأن يصبح البول مركز جدا، واذا كان البول يحتوي على ترسبات فانها لا تذوب في البول، بل تترسب في الكلية وتسبب الحصى احيانا. تماما كما لو انك تضع 5 ملاعق سكر في كأس شاي فإن جزء من السكر لا بد ان يترسب، بعد ان اصبح الماء مشبعا بالسكر، بينما لو وضعت ملعقة واحدة فانها تذوب كليا. وهكذا هو حال البول يكون مشبعا بالكالسيوم أو اليوريك أسيد او غيرها فالفائض منها سيترسب في الكلية وينتج نواة التي يبنى عليها الحجر او الحصوة. لذلك نحن ننصح من لديهم ماضي غني بمشاكل الحصى ان لا يصوموا وان يشربوا كميات كبيرة من المياه. ولا يكفي ان يشرب هذا الشخص 4 لترات من الماء بين الافطار والسحور، بل يجب ان يكون الشرب مقسم على 24 ساعة يوميا. وانا انصح ايضا بالأعشاب.

* أي الأعشاب التي تنصح بها ويمكن ان تكون مفيدة لهؤلاء المرضى؟

عشبة حصى البان (روزمارين) انا اثق جدا بهذه العشبة، وكثيرا ما أحضر لي عدد من الفلاحين ممن عرفتهم منذ زمن طويل انواعا من الاعشاب وتحدوني بأنهم سيأتون بعد اسبوع او اسبوعين ومعهم الحصى التي كانت داخل الجهاز البولي، وبالفعل هنالك انواع من الاعشاب فعالة جدا. هنالك من يثق بعشبة البقدونس، ونبتة عرف الديك وغيرها الكثير مما يمكن ان تكون ناجعة وفعالة في التخلص من الحصى.

* سؤال أخير.. هل العامل الوراثي يلعب دورا في تكوّن الحصى؟

د. اسحاق: على ما يبدو ان العامل الوراثي يلعب دورا في كل شيء، وبدون ادنى شك ان هنالك اسباب وراثية، ودائما نسأل المريض اذا كان والده عانى من المشكلة ذاتها او احد من الأقارب من الدرجة الأولى لأننا نثق بأن العامل الوراثي له تأثير ويلعب دورا في كل المشاكل الصحية تقريبا.

04/06/2018