الاكتئاب - Depression

الاكتئاب - Depression

الاكتئاب او مرض الاكتئاب هي حالة حزن وهبوط نفسي غالبًا ما يرافقهما الشعور بفقدان الأمل وعدم الرغبة في العمل والقيام بالأعمال اليوميَّة.

هو عبارة عن مرض شائع جدًّا قد تصل نسبته إلى %15 من النَّاس خلال حياتهم، وهو أكثر شيوعًا لدى النساء في سن الثلاثينات.

كلٌّ منّا شعر بالحزن في إحدى الفترات بحياته نتيجة حدثٍ مؤلم أو مُهين وهذا شعورٌ طبيعيّ، إلاّ أنَّ مرض الاكتئاب يملك أعراض أعمق وأكثف ويستمر لأيَّام بل شهور عديدة وتمنع المريض من القيام بأعماله اليوميَّة بالشَّكل اللازم وأحيانًا قد يُحفزِّهم للإنتحار.

ليس هناك أسباب واضحة للإصابة بمرض الاكتئاب، لكن هناك عدَّة عوامل معروفة التي تزيد من فرص الشَّخص للإصابة بالمرض :

  • التَّعرُّض لمشاكل ومواجهات في الحياة: سواء في العمل أو مشاكل إجتماعيَّة مع الزوجة، العائلة، أو الأصدقاء. 
  • صدمة جراء التعرُّض لسوء المعاملة (Abuse): وخاصَّة في الصِّغر، سواء كان سوء معاملة كلاميَّة، جسديَّة، أو جنسيَّة. 
  • حالة وفاة: فقدان شخص عزيز. فرَد الفعل قد يتجاوز مجرَّد الحزن الطبيعي ويتقدَّم لحالة اكتئاب.
  • إستهلاك بعض الأدوية: الاكتئاب قد تكون من الأعراض الجانبيَّة لبعض أنواع الأدوية. أكثر هذه الأدوية إستعمالاً هي ناهضات بيتا (Beta blocker) وهي أدوية لمعالجة ضغط الدَّم، كما أنَّ الستيرويد والأدوية المُهدِّئة مثل البنزودياويبين (Benzodiazepines) قد تتسبَّب في ذلك أيضًا.
  • الحالة الصحيَّة والنفسية: إذا كان الشَّخص يعاني من مرض مزمن مثل السَّرطان، مرض السُّكر، مشاكل القلب والرِّئة أو امراض نفسية مثل الوسواس القهري، يكون أكثر عرضةً للاكتئاب.
  • المعاناة من الأوجاع المزمنة: الأوجاع المزمنة قد لا تلاقي العلاج المُرضي دائمًا وتُسبب قلة النَّوم وعرقلة الرَّاحة.
  • تغيُّرات حادَّة في الحياة: حتى المُفرحة منها، مثل إنهاء تعليم، زواج، أو تغيير مكان سكن.
  • وجود الحالة في العائلة: ألعنصر الجيني يلعب دورًا هامًّا. فإنَّ وجود أقارب من الدَّرجة الأولى قد تعرَّضوا للاكتئاب يزيد من فرص الإصابة. حتى الآن لا يُعرف الجين الخاص المسؤول عن المرض.
  • الجنس: النساء أكثر عرضةً للإصابة من الرِّجال.
  • إستهلاك السُّموم: حوالي ثلث الأشخاص الذين يستهلكون السُّموم يعانون من الاكتئاب.
  • قصور الغُدَّة الدُّراقيَّة (Hypothyroidism).

خلال الدِّراسات العديدة التي أُجريت على مرضى الاكتئاب وُجدت عدَّة تغيُّرات في الدِّماغ من الناحيتتن البنيويَّة والكيميائيَّة لديهم مقارنة بالأشخاص المعافين، أهمُّها :

  • حُصين (Hippocampus) أصغر. وهو جزء هام في المخ مسؤول عن الذاكرة. لا يُعرف إن كان الشَّخص يُولد مع حُصين صغير أم أنَّ هذا التَّغيير يحدث خلال الحياة.
  • تغيُّرات في كميَّة النّاقلات العصبيَّة (Neurotransmiter) وهي المواد الكيميائيَّة التي تفرز في المخ وتتصل بواسطتها الأعصاب بعضها مع بعض. فلوحظ إنخفاض مادَّتي السيرتونين (Serotonin) والنورأدرينالين (Noradreanalin) لدى هؤلاء المرضى.

تختلف أعراض المرض من شخصٍ لآخر من حيث ماهيَّتها، كثافتها، إستمرارها وإستجابتها للعلاج.

أما الأعراض الأساسيَّة فهي تشمل:

  • الشُّعور بالحزن المُزمن والفراغ في الأحاسيس.
  • فقدان الإهتمام والقدرة على الإستمتاع بالعمل، الهوايات، مقابلة الناس، والعديد من الأعمال.
  • التَّعب الدَّائم والشعور بفقدان الطَّاقة.
  • الشعور بعدم الأهميَّة أو الذَّنب على عمل مُعيَّن، فقدان الأمل.
  • عدم القدرة على التركيز، تذكُّر التفاصيل، وأخذ القرارات.
  • تغيُّرات في النَّوم مثل قلَّة النوم والنهوض باكرًا في الصَّباح، أو المبالغة في النَّوم.
  • فقدان الشَّهيَّة أو الأكل المُفرز.
  • قلَّة حركة ملحوظة، أو على العكس قد يعاني المريض من عدم القدرة على الجلوس براحة ويكون دائم الحركة.
  • التَفكير أو القيام بالإنتحار. وهو الخطر الأساسي من المرض.

هناك أعراض أخرى مثل:

  •  فقدان الشَّهيَّة الجنسيَّة.
  • الشعور بأوجاع مُزمنة في الرَّأس، البطن أو أماكن أخرى.

هناك عدَّة أنواع من مرض الاكتئاب، نذكر أهمُّها :

  • مرض الاكتئاب الكبير (Major depression): لتشخيص المرض يجب توفر خمسة أعراض من التسعة المذكورة كأعراض رئيسيَّة سابقًا، بشرط توفُّر العارض الأول أو الثاني من بينها، هذه العوارض يجب أن تكون يوميًّة ولمدَّة لا تقل عن أسبوعين.
  • عُسر المزاج (Dysthymia): وتيسمى أيضًا بالإكتئاب المزمن، وهي عبارة عن مزاج مُكتئب لمُدَّة لا تقل عن سنتين. بالإضافة للمزاج المُكتئب هناك عوارض أخرى لكن لا تستوفي الشُّروط الكافية لتشخيص مرض الاكتئاب الكبير. المرض أقل خطورةً من مرض الاكتئاب الكبير وعادةً لا يُشكِّل عائقًا أمام الشَّخص للقيام بأعماله الإعتياديَّة.
  • إكتئاب لا نموذجي (Atypical depression): هو إكتئاب يتميَّز بالأمور التالية : ألإرهاق الدَّائم، حساسيَّة الزَّائدة للأحداث، مزاج سهل التَّأثُّر بالأمور المُفرحة أو المُحزنة، ألأكل والنَّوم المُفرطين.
  • إضطراب ذو القطبين (Bipolar disorder): هو مرض يعاني فيه الشَّخص من حالتين منفردتين ينتقل بينهما وهما الهوس (Mania) من جهة والإكتئاب من جهةٍ أخرى.
  • الإكتئاب الفصولي (Seasonal depression): وهي حالة إكتئاب تتكرَّر كل سنة في نفس الموعد عادةً تبدأ في الخريف أو الشِّتاء وتنتهي في الرَّبيع. هناك حالات أخرى قد يبدأ فيها الإكتئاب في الصَّيف لكنها أقل شيوعًا.
  • إكتئاب ذُهاني (Psychotic depression): عندما يرافق الإكتئاب ميِّزات ذُهانيَّة مثل التوهمات (Dellusions) والهلوسات (Hallucinations).
  • الإكتئاب تالي للولادة (Postpartum depression): وهو مرض الإكتئاب الكبير الذي يُصيب المرأة خلال شهر من الولادة. نسبته قد تصل إلى أمرأة من كل عشرة.

ليس هناك فحوصات لتشخيص مرض الاكتئاب، بل أنَّ التَّشخيص يتم بواسطة محادثة المريض وتجميع المعلومات عنه، فيقوم الطّبيب بتوجيه الأسئلة للمريض بهدف فحص وجود عوارض الاكتئاب التي شُرحت سابقًا مثل المشاعر، القدرة على التركيز، عادات النَّوم والأكل، القدرة على ممارسة الإهتمامات، التغيرات التي طرأت في حياة الشَّخص والأهم من ذلك هو ملاحظة ميول المريض للإنتحار.

من المهم أن يقوم الطبيب بنفي سبب للاكتئاب مثل إستهلاك دواء معيَّن أو المعاناة من مرض معيَّن. فقد يستعين بمعاينة المريض وإجراء بعض الفحوصات المخبريَّة والصُّوريَّة.

بالإضافة إلى جني المعلومات من المريض هناك أهميَّة لمقابلة المريض، فقد يلاحظ الطَّبيب عدَّة رموز لدى المريض خلال المقابلة تثير الشُّكوك وتدعم التَّشخيص، أهمُّها:

  • تجنُّب النَّظر إلى الطبيب.
  • عدم القدرة على التركيز والإنشغال بأفكار أخرى.
  • عدم الجلوس براحة أو عدم التَّحرُّك بتاتًا.
  • الإنشغال بسحب الشَّعر أو عصر اليد.
  • التَّكلُّم ببطئ وفقدان القدرة على المحافظة على إستمراريَّة في الكلام أو الأفكار.
  • إنتقاد النَّفس بشكل مبالغ فيه أو في المقابل قد يكون المريض شديد الدِّفاع عن نفسه ويهاجم أي ملاحظة تُوجَّه له.
  • قد يقوم المريض بالبكاء.

بعد تشخيص الاكتئاب يتوجَّب على الطَّبيب المُختص تحديد نوع الاكتئاب لأنَّ العلاج قد يختلف من نوعٍ لآخر.

على الطَّبيب في البداية تحديد نوع الإكتئاب لكي يلائم له العلاج المناسب.

هناك فرصة لا بأس بها للشفَّاء لكن ليس نادرًا أن يكون الإكتئاب مزمن وغير قابل للإستجابة للعلاج.

هناك عدَّة إمكانيَّات للعلاج، أهمُّها :

  • الأدوية: إستنادًا إلى ما ذُكر سابقًا بما يخص الإخلال بإتزان الناقلات العصبيَّة في الدِّماغ لدى مرضى الإكتئاب هناك عدَّة أنواع من الأدوية الفعَّالة التي تعمل على رفع نسبة هذه المواد. هذه الأدوية تحتاج لبضعة أسابيع لتُحدث مفعولها، نذكر أهمُّها:
  1. (Selective Serotonin Reuptake Inhibitor (SSRI: وهي الأدوية الأكثر إستعمالاً، هذه الأدوية تعمل على رفع كميَّة السيرتونين (Serotonin) في الدِّماغ والتي تُعتقد بأنها منخفضة لدى هؤلاء المرضى. من بين الأعراض الجانبيَّة للدَّواء أوجاع البطن والرَّأس، مشاكل في القدرة الجنسيَّة والنَّوم.
  2. (Serotonin and Norepinephrine reuptake inhibtors (SNRI: تعمل على رفع كلتي المَّادتين السيرتونين (Serotonin) والنورأدرينالين (Noradrenalin) في الدِماغ. أعراض جانبيَّة مشابهة لسابقه.
  3. (Tricyclic Antidepressants (TCAs: أيضًا تعمل على رفع الناقلات العصبيَّة، إلا أنَّ هذه الأدوية تحمل العديد من العوارض الجانبيَّة لذلك يُفضل تجنُّب إستعمالها في البداية. من عوارضها جفاف الفم، تغيُّرات في ضغط الدَّم ونسبة السُّكر في الدَّم.
  4. Monoamine Oxidase Inhibitors (MAOIs): هذه الأدوية شديدة الفعاليَّة وتُوصف للمرضى الذين فشلوا في الإستجابة للأدوية الأخرى. يمكن للدَّواء التسبب بأعراض جانبيَّة خطيرة بسبب تعارضه مع العديد من الأدوية والأطعمة مثل النبيذ والجبنة.
  5. هناك أدوية أخرى لا تتبع لأيٍّ من هذه المجموعات مثل Buprapion، Mirtazapine.
  6. هناك أدوية أخرى قد تُوصف مع الأدوية الأساسيَّة للإكتئاب بهدف تقوية مفعولها مثل مضادات الذُّهان (Antipsychotic).

إختيار الدَّواء المناسب يعتمد على حالة المريض الصِّحيَّة وعلى الأعراض الجانبيَّة التي تُحدثها لدى المرضى. أحيانًا قد يلجأ الطبيب بوصف أكثر من دواء واحد. بشكلٍ عام ثلث المرضى يُشفون بعد العلاج بالدَّواء. يُمنع من المرضى منعًا باتًا إيقاف الدَّواء بشكل مفاجئ دون إستشارة الطَّبيب سواء إستجابوا أم لم يستجيبوا للعلاج.

  • العلاج النفسي (Psychotherapy): قد يلجأ الطبيب للعلاج النفسي فقط أو يستعين به كعلاج إضافي للدَّواء. فيهدف المُعالج من خلال هذا النوع من العلاج إلى تقديم الطُّرق المناسبة للمريض لكي ينجح بالتعامل مع الصعوبات اليوميَّة التي تواجهه، أن يكون واعيًا لنفسه ولمشكلته النَّفسيَّة، يحثُّه على إستعمال الدَّواء إذا لزم، ويرافق حالة المريض فيستطيع ملاحظة سوء حالته أو تحسُّنها. ألعلاج النفسي يؤثر بصورة أبطئ من العلاج بالدَّواء لكن من جهةٍ أخرى فهو خالٍ من الأعراض الجانبيَّة. هناك عدَّة طرق للعلاج النَّفسي، أهمُّها :
  1. العلاج المعرفي السُّلوكي (Cognitive behavioral therapy): يُركِّز على كيفيَّة تعامل المريض مع الأحداث من حوله، كيف يفكر تجاهها وكيف يتصرَّف نتيجة لها. حيث أنَّ لتعامل المريض مع هذه الأحداث تأثير كبير على مشاعره.
  2. العلاج "بين الأشخاص" (Interpersonal therapy): يُركز على علاقة الشخص مع الآخرين، حيث أنَّ لهذه العلاقة تأثير كبير على مشاعره السَّلبيَّة.
  3. Psychodynamic therpay: يحاول المُعالج البحث عن سبب الاكتئاب حيث يعود لطُفولة المريض بحثًا عن وجود أحداث يمكنها تفسير مشاعر الشَّخص. علاج طويل جدًّا.
  4. العلاج بحضور العائلة (Family therapy): يُساعد العائلة على تفهُّم المرض والتعامل معه بشكلٍ أفضل.
  5. العلاج بالمجموعات (Group therapy): جمع عدد من مرضى الاكتئاب في علاج واحد يُساعد المرضى على تفهُّم مرضهم بشكلٍ أفضل وإكتساب طرق جديدة للتعامل معه.
  • المعالجة بالتَّخليج الكهربائي (Electroconvulsive therapy): وهو عبارة عن تمرير تيار كهربائي في الدِّماغ عن طريق أقطاب كهربائيَّة تُوصل إلى جلدة الرَّأس. تتم هذه العمليَّة تحت تخديرٍ كامل. يُعتبر من أكثر العلاجات فعاليَّةً ويُوصف للمرضى عندما :
  1. يفشلون في الإستجابة للعلاجات الأخرى.
  2. يحتاجون لعلاج فوري مثل المرضى الذين يميلون للإنتحار.
  3. بوجود أمراض أخرى تمنعهم من تناول الدَّواء.
  4. وجود ذُهان أو إضطراب ذو القطبين.
  • حث العصب المُبهم (Vagus nerve stimulation): وهو أحد الأعصاب الذي يخرج من الدِّماغ. وُجد أنَّ حثِّه كهربائيًّا عن طريق جهاز يُوصل من تحت الجلد له فاعليَّة إيجابيَّة ضد الإكتئاب.
  • الحث المغناطيسي عبر الجمجمة (Transcranial Magnetic Stimulation): حث تيَّار كهربائي في الدِّماغ عبر خلق حقل مغناطيسي. مقارنةً بال ECT فإنَّ الحث المغناطيسي يُستعمل في إكتئاب أخف، ولا يؤدي إلى نوبة صرع كما ولا يتطلَّب تخدير المريض.
24/10/2012
الاكتئاب, حالة مرض قد تشكل خطرا على حياتك!
الاكتئاب, حالة مرض قد تشكل خطرا على حياتك!

ان الاكتئاب هو حالة مرضية التي تسبب الشعور الدائم بالحزن

المرأة
اكتئاب الأم بعد الولادة
اكتئاب الأم بعد الولادة

يوجد علاقة بين التغييرات الهورمونية الشديدة التي تحدث بعد

الحمل والولادة