الأمراض المناعيّة العصبيّة: عندما يهاجم جهاز المناعة الجهاز العصبي

هذا المقال تمت الموافقه عليه من قبل الطاقم المهني

في بعض الأحيان، يفقد جهاز المناعة اتّزانه ويصيب الجهاز العصبي، ممّا يؤدّي إلى ظهور أمراض مناعيّة عصبيّة. كيف يمكن تشخيص هذه الأمراض وعلاجها؟

الأمراض المناعيّة العصبيّة: عندما يهاجم جهاز المناعة الجهاز العصبي

الأمراض المناعيّة العصبيّة هي أمراض مناعيّة ذاتيّة، تؤدّي إلى إصابات عصبيّة مختلفة. المرض المعروف والأكثر شيوعًا من بين هذه الأمراض هو التصلّب المتعدّد.

جهاز المناعة ينتِج مضادّات تهاجم مركّبًا محدّدًا في العضلة. تصوير: شاترستوك

الوهن العضلي الوبيل (Myasthenia Gravis)

إنّه مرض مناعي ذاتي واضح جدًا، يقوم فيه جهاز المناعة بإنتاج مضادّات تهاجم مركّبًا محدّدًا في العضلة. يدور الحديث عن مركّب في العضلة له دور مهم وضروري في الاتّصال بين العصب والعضلة. المرض يضرّ بالعضلات اللاإراديّة (الجفون، الأطراف وما إلى ذلك). في أغلب الحالات، معروف تمامًا ما هو المضادّ المهاجِم وما هو الزلال (المُسْتَضَدّ) المهاجَم.

ما هي نسبة انتشار الوهن العضلي الوبيل؟

الوهن الوهن العضلي الوبيل قد يظهر في "جيلَين":

  • جيل 30-20: ظهور المرض في هذه الأجيال شائع بالأساس لدى النساء.
  • جيل 70-60: يظهر المرض في هذه الأجيال بنسبة انتشار متساوية بين الرجال والنساء، وقد تكون نسبة انتشاره أكبر بقليل لدى الرجال.

ما هي أعراض الوهن العضلي الوبيل؟

قد يظهر المرض بعدّة أشكال (وقد يتفاقم أحيانًا من حالة طفيفة إلى حالة أصعب وأشدّ):

  • تضرّر عضلات العينين فقط (الجفون و/أو حركة العينين) - تضرّر عضلات العينين قد يؤدّي إلى تدلّي الجفون - أحيانًا جفن واحد، الرؤية المزدوجة أو كليهما معًا.
  • تضرّر عضلات إراديّة أخرى - يدور الحديث عن حالة متفاقمة أكثر من المرض، تؤدّي إلى تضرّر العضلات الإراديّة المختلفة (وقد تتغير من حيث مكانها وشدّتها)، مثل عضلات الوجه، النطق، المضغ، البلغ، الرقبة والأطراف. في حالات قصوى، قد يلحِق المرض أضرارًا بعضلات التنفّس تبلغ إلى حدّ القصور التنفّسي.

لدى بعض المرضى، الشباب تحديدًا، قد يظهر مع المرض ورم في الغدّة الزعتريّة (تيموس) الموجودة في مقدّمة القفص الصدري، والتي لها علاقة بتفاقم المرض. درجة الأورام قد تختلف من حالة لأخرى - وقد تكون حميدة أو خبيثة. مع ذلك، في الحالات القصوى أيضًا، الورم ينتِج نقيلات موضعيّة فقط (وليس نقيلات منتشرة).

كيف يمكن تشخيص الوهن العضلي الوبيل؟

كما ذكرنا، الأعراض الأوليّة بشكل عام هي ضعف العضلات و/أو تدلّي الجفون (أحيانًا تظهر مه أعراض الرؤية المزدوجة). لذلك، حتى وإن ظهر عرض تدلّي الجفون "فقط"، من المهمّ التحقّق من السبب واستبعاد وجود المرض. وذلك لتفادي الخضوع لعمليّات جراحيّة تجميليّة لرفع الجفون.

ما هو العلاج للوهن العضلي الوبيل؟

تتوفّر اليوم علاجات دوائيّة تساعد على وقف تفاقم المرض او على تحسين الحالة. لمعرفة كيفيّة علاج المرض والحفاظ على نجاح العلاج لفترات أطول، يجب معرفة المرض جيدًا.

في الحالات التي يظهر فيها ورم في الغدّة الزعتريّة، سيشمل العلاج جراحة أيضًا لاستئصال الورم عن طريق الصدر، وذلك بطرق جراحة حديثة ومتقدّمة مثل التنظير و/أو روبوت حديث. في الحالات القصوى، والتي ينتِج فيها الورم نقيلات موضعيّة، قد تكون هناك حاجة أحيانًا لعلاج إشعاعي أو كيميائي مكمّل.

التهاب النخاع والعصب البصري (NMO)

التهاب النخاع والعصب البصري هو مرض مناعي ذاتي آخر، وحتى قبل بضع سنوات كان من الصعب التفرقة بينه وبين التصلّب المتعدّد، بالأساس بسبب الأعراض المشابهة لكلا المرضين.

بماذا ينعكس مرض التهاب النخاع والعصب البصري؟

قد تكون لالتهاب النخاع والعصب البصري (NMO) أعراض ناجمة عن تضرّر النخاع الشوكي مثل ضعف العضلات، اضطرابات في الإحساس بالأطراف و/أو تضرّر العصب البصري. في حالات نادرة جدًا، قد تظهر أيضًا أعراض أخرى، ومن بينها الغثيان، التقيّؤات و/أو الاضطرابات في النوم.

كيف يمكن تشخيص التهاب النخاع والعصب البصري؟

كما الحال في مرض التصلّب المتعدّد، فإنّ التهاب النخاع والعصب البصري أيضًا هو مرض مناعي ذاتي ناكس وهجومي، قد يصيب مناطق مختلفة من الجسم، بالأخصّ العصب البصري والنخاع الشوكي. من المعروف اليوم كيف يمكن اكتشاف المضادات المحدّدة المرتبطة بهذا المرض. تتوفّر اليوم وسائل تشخيصيّة دقيقة، تساعد على التمييز بينه وبين التصلّب المتعدّد. يمكن أيضًا اكتشاف الأنواع الثانويّة للمرض (هذه الأنواع الثانويّة تختلف كليًا عن التصلّب المتعدّد)

ما هو العلاج الأفضل لالتهاب النخاع والعصب البصري؟

علاج المرض هو علاج مناعي دوائي، يختلف كثيرًا عن علاج التصلّب المتعدّد. بسبب هذا الاختلاف، العلاج الدوائي يختلف أيضًا. من المعروف أنّ علاج التهاب النخاع والعصب البصري بدواء مخصّص لعلاج التصلّب المتعدّد (ادوية خاصّة لعلاج التصلّب المتعدّد) - قد يؤدّي إلى تفاقم حالة مرض التهاب النخاع والعصب البصري وليس إلى تحسينها. لذلك، مهمّ جدًا إجراء فحوصات شاملة وتشخيص المرض بشكل صحيح، لتفادي تقديم علاج خاطئ ومضرّ.

في هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أنّه في العام 2019، نُشِرت أبحاث عن ثلاثة أدوية جديدة سيكون استعمالها ممكنًا في الوقت القريب، وذلك بعد أن أثبتت نجاعة كبيرة جدًا في علاج المرض.

الأمراض المناعيّة الذاتيّة الجهازيّة

بالإضافة إلى الأمراض المناعيّة الذاتيّة العصبيّة، والتي يكون فيها "مصدر المشكلة" هو تضرّر الجهاز العصبي المركزي، هناك أمراض مناعيّة ذاتيّة جهازيّة أخرى تلحِق أضرارًا بالمفاصل، الأوعية الدمويّة (التهاب الأوعية الدمويّة)، الرئتين ومناطق أخرى. قد يؤدّي جزء من هذه الأمراض إلى أضرار في الجهاز العصبي المركزي وتحتاج إلى تدخّل طبيب مختصّ في الأمراض المناعيّة العصبيّة من أجل علاجها.

من الضروري جدًا تشخيص الحالة بالشكل الصحيح. تصوير: شاترستوك

الأمراض المناعيّة الذاتيّة العصبيّة النادرة

هناك أيضًا مجموعة من الأمراض المناعيّة الذاتيّة العصبيّة النادرة، والتي قد تلحِق أضرارًا بالأوعية الدمويّة في الدماغ (التهاب الاوعية الدمويّة الدماغيّة)، أو بالأوعية الدموية الدماغيّة مع الأوعية الدمويّة الموجودة في شبكيّة العين وأعضاء التنفّس.

ملخّص: الأمراض المناعيّة الذاتيّة العصبيّة تنجم عن "هجوم ذاتي" للجهاز العصبي المركزي من قِبل مضادّات أو خلايا جهاز المناعة، ممّا يؤدّي إلى التهابات تلحِق أضرارًا بالدماغ. يمكن اليوم علاج معظم الأمراض المناعيّة الذاتيّة العصبيّة بشكل ناجع. من الضروري جدًا تشخيص الحالة بالشكل الصحيح، تلقّي العلاج الصحيح ومتابعة الحالة لفترات طويلة.

د. أرنون كرني هو مدير وحدة طبّ المناعة العصبيّة والتصلّب المتعدّد في المركز الطبّي إيخيلوف في تل أبيب.

موقع  zap doctors.

15/02/2020