الأوجاع في مفصل الورك: علاج وقائي أم عمليّة جراحيّة؟
هذا المقال تمت الموافقه عليه من قبل الطاقم المهني
17/06/2020
تعانون من أوجاع في مفصل الورك وتشعرون بأنّ ذلك يضرّ بجودة حياتكم؟ في أغلب الحالات، يمكن الاكتفاء بعلاج وقائي: مضادّات الالتهابات، ستيرويدات، العلاج الطبيعي أو بعلاج مبتكر بواسطة الصفائح الدمويّة - وهو علاج غير مشمول ضمن سلّة الخدمات الصحيّة. في بعض الحالات، يجب التفكير في إمكانيّة إجراء عمليّة جراحيّة لاستبدال المفصل
مفصل الورك هو أحد المفاصل المركزيّة في جسم الإنسان. يتحمّل هذا المفصل عبئًا وضغطًا كبيرًا، ممّا قد يكون مصدرًا للأوجاع المختلفة، الناجمة عن عدّة عوامل. في غالبيّة الحالات، يدور الحديث عن أوجاع طفيفة حول الجزء العلوي من الورك ومنطقة الأرداف. مع ذلك، في كثير من الأحيان يصعب على المتعالِج تحديد موضع ومصدر الوجع بشكل دقيق.
في بعض الأحيان، يشكو المتعالِج من أوجاع في الظهر، إذ يشعر أنّ هذه الأوجاع تنتقل إلى منطقة الورك، وبالتالي يتمّ توجيه المتعالِج لتشخيص مشاكل في العمود الفقري (مثل النتؤات الغضروفيّة)، لكن في كثير من الحالات، نفس الأوجاع التي تمّ تشخيصها على أنّها أوجاع في الظهر، تكون ناجمة عمليًا عن مشكلة معيّنة في مفصل الورك.
ما هي المشاكل الأكثر شيوعًا في مفصل الورك؟
هناك ثلاث مشاكل مركزيّة تسبّب الأوجاع في مفصل الورك:
تغييرات في درجة تآكل المفصل: تآكل الغضروف في مفصل الورك، وهذه الظاهرة تسمّى أيضًا الفصال العظمي لمفصل الورك. قد ينجم هذا التآكل عن التقدّم في السنّ أو نتيجة الضغط الذي يتشكّل على المفصل، وأيضًا لأسباب بنيويّة تؤدّي إلى توزيع الضغط الذي يتشكّل على المفصل بشكل غير متجانس.
التهاب الجراب المدوري (trochanteric bursitis): التهاب في الجزء الخارجي من مفصل الورك، والذي قد ينجم عن ممارسة نشاط جسماني أو رياضي مكثّف، وأحيانًا بدون أيّ سبب ملحوظ.
تمزّق الوتر: بشكل عام في عضلة الأرداف أو في أحد الأوتار الخلفيّة-الجانبيّة من المفصل (العضلة الألويّة الوسطى/العضلة الألويّة الكبرى)، ممّا يؤدّي أيضًا إلى أوجاع في الجزء الخارجي من مفصل الورك بالأساس. في الكثير من الأحيان، يحدث تمزّق في الوتر نتيجة إصابة أو صدمة، وأيضًا نتيجة ضعف العضلات الذي يطرأ بسبب التقدّم في السنّ أو من بعد الإصابة بالتهابات مستمرّة.
كيف يمكن تشخيص مسبّب الأوجاع في مفاصل الأوراك؟
يبدأ التشخيص بفحص إكلينيكيّ من قِبل الطبيب، استجواب المتعالِج بشأن الأوجاع والقيود الحركيّة التي يعاني منها، إلى جانب تحسس وتحريك المفصل. إلمام الطبيب بالجانب التشريحي لمفصل الورك وإلمامه بمميّزات المشاكل المختلفة والأوجاع الناجمة عنها، قد تساعده على معرفة الاتّجاه المطلوب لمتابعة التشخيص. وفقًا للحاجة، يمكن إجراء فحص أمواج فوق صوتيّة (أولتراساوند) أو MRI.
كيف يتمّ علاج المشاكل المرتبطة بمفاصل الأوراك؟
بشكل عام، يمكن تقسيم علاج المشاكل المرتبطة بمفاصل الأوراك إلى علاج وقائي أو علاج غزوي. تمّ اختيار العلاج وفقًا لشدّة الحالة وبمستوى الأوجاع والمعاناة لدى المتعالِج. تُمنَح أفضليّة دائمًا للعلاج الوقائي كبداية، إن أمكن. إذا كانت الحالة شديدة من البداية، أو إن لم يساعد العلاج الوقائي على تحسّن الحالة، يُنصح بتلقّي علاج غزوي.
في المشاكل المرتبطة بتآكل الغضروف، العلاج الوقائي يشمل أيضًا علاجًا مضادًا للالتهابات، وذلك من خلال تناول أقراص أو من خلال حقن ستيرويدات إلى داخل المفصل، تحت تصوير الأولتراساوند. يُنصَح بالعلاج الغزوي، الذي يشمل عمليّة جراحيّة لاستبدال المفصل، فقط عندما تكون درجة التآكل كبيرة ولا يمكن علاجها وقائيًا، وعندما تفشل كلّ إمكانيّات العلاج الأخرى بتخفيف الأوجاع أو بتحسين حركة المفصل.
في حالات حدوث التهابات، مثل: التهاب الجراب المدوري، العلاج الأفضل هو العلاج الوقائي، بحيث يشمل علاجات مضادّة للالتهابات من خلال الحقن، وهي مشمولة ضمن سلّة الخدمات الصحيّة، وعلاجًا طبيعيًا. مؤخّرًا، بدأت علاجات PRP تظهر نتائج إيجابيّة، وهي علاجات تشمل حقن بلازما غنيّة بالصفائح الدمويّة، والتي يتمّ استخلاصها من دم المتعالِج نفسه، إلى منطقة المفصل. هذه العلاجات غير مشمولة ضمن سلّة الخدمات الصحيّة، لكن يمكن تلقّيها بشكل خاص.
في الحالات التي يدور فيها الحديث عن تمزّق في الوتر، العلاج الوقائي يشمل أيضًا علاجًا دوائيًا، علاجًا طبيعيًا وحتى علاجات بديلة، مثل: الوخز الصيني أو المنعكسات (رفلكسولوجيا)، إذ أنّ هذه العلاجات لا تهدف إلى شفاء التمزّق، بل إلى تخفيف حدّة الأوجاع وتمكين المنطقة المصابة من التعافي من تلقاء ذاتها. عندما يدور الحديث عن تمزّق شديد أو في الحالات التي لا يساعد فيها العلاج الوقائي على تخفيف الأوجاع، يُنصَح بعلاج وإغلاق التمزّق من خلال الجراحة.
هل ستعيد العلاجات مدى الحركة الكامل للمتعالِج؟
العودة إلى مدى الحركة الكامل يتعلّق بنوع المشكلة ودرجة شدّتها. في حالات حدوث التهابات درجة شدّتها طفيفة، فإنّ العلاج بمضادّات الالتهاب، العلاج الطبيعي والحقن قد يزيل الأوجاع كليًا ويعيد مدى الحركة الكامل للمتعالِج.
مع تقدّم الوسائل التكنولوجيّة في عالم الطبّ، تطوّرت أيضًا العلاجات الجراحيّة للغضروف المتآكل، ممّا يمكّن الشخص الذي أجرى في السابق عمليّة جراحيّة لاستبدال مفصل الورك من الاقتراب إلى مدى حركته الطبيعي وبدون أيّ قيود تقريبًا. مع ذلك، علينا أن نتذكّر أنّه في إطار العمليّة الجراحيّة، تتمّ زراعة مفصل اصطناعي في ورك المتعالِج، وهو يختلف عن المفصل الطبيعي. لذلك، قد يعاني المتعالِج دائمًا من قيود حركيّة معيّنة.
حتى عندما يدور الحديث عن تمزّق في الوتر، يمكن العودة إلى مدى الحركة الكامل. إذا كان التمزّق طفيفًا وكان من الممكن قطبه بواسطة الجراحة واستعادة تعاقُب وكمال الوتر، سيعود المفصل أيضًا لأدائه الاعتيادي. بالمقابل، إذا كان الحديث يدور عن تمزّق أشدّ، ممّ لا يتيح المجال لاستعادة كمال الوتر، سيبقى المتعالج يعاني من قيود حركيّة معيّنة ومصحوبة بأوجاع معيّنة.
ملخّص: بشكل عام، تكون أوجاع مفصل الورك مصحوبة بقيود حركيّة. تنجم هذه الأوجاع بالأساس عن ثلاثة عوامل: تآكل الغضروف في مفصل الورك، التهاب في مفصل الورك أو تمزّق في أحد الأوتار التي تربط بين العضلات ومفصل الورك. غالبًا ما يبدأ علاج هذه المشاكل بالعلاج الوقائي، لكن في بعض الحالات، وبسبب فشل العلاج الأوّل، يُنصَح بالعلاج الجراحي.
د. سميون كرسنيانسكي هو طبيب كبير، أخصّائي عظام.
موقع zap doctors.
15/06/2020