الزرق والكاتاراكت: العلاقة المتبادلة

هذا المقال تمت الموافقه عليه من قبل الطاقم المهني

الزرق والكاتاراكت هما مرضان مختلفان يصيبان العينين، وتوجد بينهما "علاقة متبادلة": قد يؤدّي أحدهما إلى تفاقم الآخر، لكن علاج أحدهما قد يحسّن من الآخر أيضًا.

الزرق والكاتاراكت: العلاقة المتبادلة

الزرق والكاتاراكت هما مرضان شائعان جدًا يصيبان العينين، تحديدًا في جيل متقدّم، إذ يزداد شيوعهما مع التقدّم بالعمر. يتكوّن كلا المرضين نتيجة للهرم وضمور الجسم الطبيعي. يمكن علاج كليهما، وإن لم يتمّ علاجهما قد يلحِقان أضرارًا بالبصر، حتى وأنّهما قد يسبّبان العمى.

الزرق هو مرض يصيب العينين، وفيه الضغط المرتفع داخل العين على العصب البصري يؤدّي إلى تضرّر أداء العصب؛ وبالتالي يلحِق أضرارًا بالبصر أيضًا. الكاتاراكت هو مرض يحدث فيه إعتام لعدسة العين. ينتشر الإعتام في العين ويؤدّي إلى ضعف تدريجي في البصر.

يدور الحديث عن مرضين مختلفين، لكنّهما قد يظهران لدى أيّ شخص معًا أو بشكل منفرد. في العديد من الأحيان، تكون بينهما علاقة متبادلة واضحة: كلاهما يتفاقمان مع تقدّم العمر؛ وقد يؤدّي تفاقم أحدهما إلى تفاقم الآخر؛ لكليهما توجد أعراض مشتركة و/أو متشابهة. لذلك، من الصعب أحيانًا تحديد المرض الذي تشير إليه الأعراض؛ في بعض الحالات، الكاتاراكت قد يكون عاملًا لتطوّر وتفاقم الزرق.

يستحسن إجراء فحوصات روتينيّة للعينين ابتداءً من جيل 40. تصوير: شاترستوك

ما هي مسبّبات الكاتاراكت؟

الكاتاراكت هو المرض الأكثر شيوعًا في العينين - وقد يعاني معظمنا منه خلال حياتنا. عمليًا، ما يقارب %80 من الأشخاص في العالم الغربي يجرون عمليّة جراحيّة لعلاج الكاتاراكت في مرحلة معيّنة من الحياة. في مرض الكاتاراكت، يحدث إعتام لعدسة العين - وذلك بسبب الضمور الذي يطرأ للجسم مع تقدّم الجيل.

العدسة، والتي لها وظيفة مركزيّة في البصر وتركيزه - تفقد من شفافيّتها وتهترئ؛ يتقلّص مجال الرؤية ويصبح معتمًا. في حالات قصوى، وبدون تلقّي العلاج المناسب، قد يؤدّي المرض إلى العمى أيضًا.

ما هي مسبّبات الزرق؟

الضغط داخل العين على العصب البصري ينجم في العديد من الحالات عن عوامل وراثيّة، لكنّه قد ينجم أيضًا عن إصابة أو صدمة تعرّضت لها العين، عن استعمال أدوية سترويديّة لعلاج التهابات العينين؛ وأحيانًا قد ينجم بسبب مبنى معيّن للعين - والذي بسبب ضموره مع التقدّم في الجيل يؤدّي إلى ارتفاع الضغط على العصب البصري.

ما هي أعراض الكاتاراكت؟

الأعراض الأساسيّة للكاتاراكت وإعتام عدسة العين - تشمل ضعفًا تدريجيًا في الرؤية، تغييرات بدرجة النظارات تحدث على فترات متقاربة، تقليص مجال الرؤية والتحسّس للإنارة المبهرة والقويّة، في وضح النهار وخلال القيادة في ساعات الليل أيضًا.

ما هي أعراض الزرق؟

عمليًا، الزرق في مراحله الأولى (وحتى في مراحل متقدّمة أكثر) ليست له أعراض.

لذلك، الزرق يسمّى "سارق البصر" - ويتمّ اكتشافه في العديد من الأحيان بعد كان قد ألحقَ ضررًا بالبصر، وأحيانًا لا يمكن علاجه.

بما أنّ الدليل العلاجي الأهمّ هو اكتشاف ارتفاع الضغط داخل العين، والذي يمكن تشخيصه من خلال فحص خاص للعيون - يستحسن جدًا إجراء فحوصات روتينيّة من أجل تشخيص الزرق ابتداءً من جيل 40؛ ومرّة في السنة ابتداءً من جيل 60. يتمّ تحديد وتيرة إجراء الفحوصات في جيل 40 حتى 60 من قِبل الطبيب، وفقًا للتشخيص الطبي.

كيف يتمّ علاج الكاتاراكت؟

في المراحل الأولى، يتمّ العلاج بالأعراض ويشمل تغيير درجة النظارات. إن لم يساعد هذا العلاج، يتمّ إجراء عمليّة جراحيّة لعلاج الكاتاراكت - من خلالها يتمّ استبدال العدسة المعتمة. هذه العمليّة الأكثر شيوعًا (بالمقارنة مع كلّ أنواع العمليّات؛ ليس فقط في مجال العيون).

يتمّ إجراء العمليّة بكون مكوث في المستشفى، وبتخدير موضعي - نسبة نجاح العمليّة تتراوح بين %97-%95 إن لم تكن هناك أمراض مزمنة أخرى. العمليّة تحسّن الرؤية لكلّ من يعاني من المرض - في جميع حالات المرض وفي كلّ جيل.

كيف يتمّ علاج الزرق؟

في المرحلة الأولى، يتمّ تقليل الضغط داخل العين بواسطة قطرات العين. إن لم يكن العلاج بواسطة القطرات مجديًا أو إن لم يعد مجديًا، المرحلة التالية هي تقديم العلاج بالليزر؛ وفي المرحلة الأخيرة - العلاج الجراحي (الهدف من العلاج بالليرز ومن العمليّة الجراحيّة هو تقليل الضغط أيضًا). بسبب المخاطر التي تنطوي عليها العمليّة الجراحيّة (بشكل عام)، من المفضّل في المرحلة الأولى دائمًا العلاج بواسطة قطرات العيون.

ما العلاقة بين الزرق والكاتاراكت؟

هناك حالات معيّنة، يؤثّر فيها أحد المرضين على الآخر. الحالة الأولى تتعلّق بالأعراض المتشابهة في كلا المرضين. مثلًا: تضرّر مجال الرؤية. الاعراض المتشابهة تؤدّي إلى عدم القدرة على تشخيص مصدر العرض أحيانًا، فيما إذا كان الحديث يدور عن الزرق أو الكاتاراكت. عدم القدرة على ملاءَمة العلاج الصحيح قد يؤدّي إلى تفاقم المرض، والذي لم يتمّ علاجه بسبب ذلك.

الحالة الثانية هي الحالة التي يظهر فيها المرضان معًا. فالإعتام الذي يحدث في عدسة العين في الكاتاراكت يصعّب على الطبيب المعالج تقدير أضرار الزرق بشكل دقيق وتحديد مرحلة المرض ونوع العلاج اللازم له. أحيانًا، الإعتام يصعّب على الطبيب تقدير مدى الضرر الذي ألحِق بالعصب البصري، حتى من خلال فحص خاص.

في أيّ حالات قد يؤدّي الكاتاراكت إلى تفاقم الزرق؟

الكاتاراكت هو عامل خطورة واضح في حالات زرق انسداد الزاوية. في هذه الحالات، يؤدّي الكاتاراكت إلى تفاقم الزرق. تجدر الإشارة إلى أنّ زرق انسداد الزاوية يظهر لدى أشخاص ممّن لديهم مبنى عين معيّن. مثلًا: عيون صغيرة، أو الشخص الذي يعاني من مدّ البصر (Hypermetropia).

ظهور الكاتاراكت يؤدّي إلى تفاقم انسداد الزاوية - يجعلها أضيق ومسدودة أكثر، وذلك بسبب كبر العدسة وتضخّمها. كلّما كانت الزاوية أضيق والعدسة أكبر - يزداد الضغط داخل العين على العصب البصري ويتضرّر البصر أكثر.

في أيّ حالات قد يؤدّي الزرق إلى تعقّد عمليّة الكاتاراكت؟

في حالات زرق انسداد الزاوية أو الزرق على خلفيّة متلازمة التقشر الكاذب، قد تكون هناك قيود في عمليّة توسيع بؤبؤ العين أحيانًا. مبنى الحجرة الأماميّة يكون ضيّقًا ورقيقًا وتكون النطيقات ضعيفة - تلك الأنسجة التي تحافظ على ثبات العدسة في مكانها وضروريّة لنجاح العمليّة.

في هذه الحالات، قد تصبح جراحة الكاتاراكت أصعب وقد يزداد احتمال وجود مضاعفات للعمليّة. في هذه الحالات، يستحسن إجراء العمليّة من قِبل جرّاح متمرّس ومؤهّل يمكنه علاج المرضين.

متى تستخدَم عمليّات الكاتاراكت لعلاج الزرق؟

بما أنّ هناك علاقة وطيدة بين الكاتاراكت وتفاقم زرق انسداد الزاوية (وأنواع أخرى من الزرق، التي مصدرها في مبنى العين لدى المتعالج)، تبيّن أنّ أحد العلاجات الأكثر نجاعة للزرق ولتقليل الضغط داخل العين هو عمليّة جراحيّة للكاتاراكت (والذي يتمّ من خلالها التخلّص من مصدر الضغط الأساسي).

أظهر أبحاث عديدة أنّ تأثير عمليّة الكاتاراكت على زرق انسداد الزاوية قد بكون كبيرًا، وقد يؤدّي إلى انخفاض كبير في الضغط وقد يؤثّر إيجابًا على تقدّم المرض - أيّ يوقفه؛ وأحيانًا قد يحسّن الرؤية ويلغي الحاجة إلى الخضوع لعمليّة جراحيّة لعلاج الزرق.

مع ذلك، تجدر الإشارة إلى أنّ تأثير عمليّة الكاتاراكت على الضغط داخل العين ضئيل جدًا. في حالات الزرق المفتوح الزاوية - هناك حاجة لإجراء عمليّة جراحيّة إضافيّة بعد عمليّة الكاتاراكت، وذلك لعلاج الزرق نفسه.

كيف يتمّ علاج الزرق والكاتاراكت عند ظهورهما معًا؟

عندما يظهر الزرق والكاتاراكت معًا وتكون هناك حاجة لإجراء عمليّة جراحيّة، الإمكانيّات هي إجراء عمليّة جراحيّة مدمجة لكليهما في نفس الوقت أو عمليّة جراحيّة لكلّ منهما على حدة - وفقًا لحالة كلّ مريض ومريض. عندما يتمّ إجراء العمليّات الجراحيّة على حدة، يتمّ في غالبيّة الأحيان إجراء عمليّة الكاتاراكت - وفقط من بعدها عمليّة الزرق.

ملخّص: الزرق والكاتاراكت هما مرضان شائعان جدًا يصيبان العينين، يزداد شيوعهما مع التقدّم بالعمر. توجد علاقة متبادلة بين المرضين، وكلاهما يؤثّران على بعضهما البعض. في الحالات التي يدور فيها الحديث عن زرق انسداد الزاوية، والذي يتفاقم على خلفيّة وجود كاتاراكت - عمليّة الكاتاراكت قد تعالج كلا المرضين.

د. تمار بيدوت-كلويزمان مسؤولة خدمة مرض الزرق في مستشفى "بني تسيون"؛ وجرّاحة عيون كبيرة في صندوق المرضى "كلاليت" في حيفا.

موقع Zap Doctors.

15/02/2020