السكتة الدماغيّة: أهميّة الوقاية - والعلاج الفوري

هذا المقال تمت الموافقه عليه من قبل الطاقم المهني

السكتة الدماغيّة قد تكون ناجمة عن انسداد أو تمزّق في الأوعية الدمويّة. اتّباع نمط حياة صحّي يعتبَر من أفضل الطرق الوقائيّة. تشعرون بأعراض مشبوهة؟ عليكم الذهاب إلى قسم الطوارئ فورًا

السكتة الدماغيّة: أهميّة الوقاية - والعلاج الفوري

السكتة الدماغيّة هي حالة طبيّة طارئة تحتاج إلى علاج فوري ومستعجل من أجل وقف الضرر غير القابل للعلاج والذي يصيب خلايا وأنسجة الدماغ، ومن أجل إبقاء الجزء الأكبر من الدماغ سليمًا.

ما هي السكتة الدماغيّة؟

بخلاف الاعتقاد السائد، السكتة الدماغيّة ليست حدثًا "تلقائيًا" - بل حدث يطرأ نتيجة إصابة الأوعية الدمويّة في الدماغ. هناك نوعان أساسيّان من السكتة الدماغيّة: احتشاء دماغي ونزيف دماغي.

الاحتشاء الدماغي (السكتة الإقفاريّة): ناجم عن انسداد شريان في الدماغ؛ بسبب هذا الانسداد، يتوقّف تدفّق الأوكسجين إلى خلايا الدماغ. في اللحظة التي يتوقّف فيها تدفّق الأوكسجين إلى خلايا الدماغ - يبدأ توقّف اداء الدماغ بسرعة فائقة (وفيما بعد موت الخلايا).

النزيف الدماغي (سكتة نزفيّة): ناجم عن تمزّق طرف شريان في الدماغ، إذ تخرج منه كميّة كبيرة من الدم، من الشريان إلى داخل النسيج الدماغي. بما أنّ الجمجمة محكمة الإغلاق، وفي داخلها مكان يتّسع للدماغ فقط - فإنّ الحجم الكبير الذي يشغله الدم الخارج يؤدّي إلى فرط ضغط الدم داخل الجمجمة ويلحق أضرارًا في النسيج الدماغي، بالأخصّ في منطقة النزيف.

 نحو %80 من الحالات ناجمة عن الاحتشاء الدماغي؛ ونحو %20 عن النزيف. تصوير: شاترستوك

ما هي نسبة انتشار الظاهرة؟

في البلاد، يحدث ما يقارب 18 ألف حالة من السكتات الدماغيّة الجديدة كلّ سنة؛ نحو %80 من الحالات ناجمة عن الاحتشاء الدماغي؛ ونحو %20 عن النزيف. المرض شائع جدًا لدى دماع البالغين في سنّ 60 فما فوق. السكتات الدماغيّة شائعة أكثر لدى الرجال، لكنّ الحالات الأصعب تحدث لدى النساء.

لماذا من الضروري تلقّي العلاج بأسرع ما يمكن؟

خلايا الدماغ تختلف عن بقيّة خلايا الجسم من عدّة جوانب:

·       خلايا الدماغ ترتبط بتزويد الأوكسجين بشكل دائم - ليست لها "مخازن أوكسجين"؛ لذلك، لكي تعيش وتقوم بوظيفتها، خلايا الدماغ ترتبط بتزويد الأوكسجين بشكل دائم.
 

·       خلايا الدماغ لا تتجدّد - بخلاف قدرة الخلايا الأخرى (مثل خلايا الجلد، خلايا الكبد، خلايا العضلات وما شابه) على التجدّد بعد موتها - خلايا الدماغ لا تتجدّد. خلايا الدماغ التي تموت لا تعيش مجدّدًا ولا تُستبدًل بخلايا جديدة.

كما ذكر، خلايا الدماغ تحتاج إلى تزويد الأوكسجين بشكل دائم وهي لا تتجدّد. لذلك، السكتة الدماغيّة تسبّب أضرارًا غير قابلة للعلاج. نجاح العلاج يرتبط بشكل كبير ومباشر بسرعة الوصول إلى المستشفى. من اللحظة التي تحدث فيها السكتة الدماغيّة (حدوث احتشاء او نزيف) – تبدأ عمليّة سريعة جدًا، تموت فيها العديد من خلايا الدماغ كلّ دقيقة. كلّما كان علاج تصريف الدم (إذا كان الحديث يدور عن نزيف) أو فتح الشريان المسدود وتجديد تدفّق الأوكسجين (إذا كان الحديث يدور عن احتشاء) أسرع - كلما تضرّر عدد أصغر من خلايا الدماغ.

ما هي مسبّبات السكتة الدماغيّة؟

الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالسكتة الدماغيّة هم: المدخّنون، من يعانون من فرط ضغط الدم، مرضى السكري، من لديهم مستوًى مرتفع من الكولسترول، من يعانون من أمراض القلب؛ أو الأشخاص الذين أصيب بعض أفراد عائلتهم سابقًا بسكتة دماغيّة أو نوبة قلبيّة. هناك عوامل نادرة أخرى تسبّب السكتة الدماغيّة وهي الأمراض الوراثيّة المختلفة أو في حالات معيّنة أيضًا أمراض فرط تخثّر الدم. تمدّد الأوعية الدمويّة (أنوريزم) هو مرض في الشرايين قد يؤدّي إلى حدوث نزيف في الدماغ (عِلمًا بأنّ هذا المسبّب نادر جدًا - ويسود أكثر لدى الصغار الذي يعانون من مشاكل وراثيّة).

ما هي أعراض السكتة الدماغيّة؟

بما أنّ السكتة الدماغيّة هي مرض يصيب الشرايين، وبما انّ لكلّ أمراض الشرايين توجد مراحل - للسكتة الدماغيّة أيضًا توجد مراحل مبكّرة، قبل السكتة نفسها. في أغلب الحالات، شرايين الأشخاص الذين أصيبوا بسكتة دماغيّة كانت مصابة طيلة سنوات - لكنّهم لم يعرفوا ولم يشعروا بذلك.

من المحتمل جدًا أنّه مع مرور الوقت، بدأ المرض بالتطوّر بشكل بطيء في أطراف الشرايين (في الشرايين الكبيرة أو الصغيرة). في مرحلة معيّنة - بشكل فجائي، حاد وبدون إنذار أو أعراض مسبقة - أدّى المرض إلى انسداد الشريان أو إلى تمزّقه وبالتالي إلى سكتة دماغيّة فجائيّة (حالة تشبه النوبة القلبيّة).

على ضوء الأهميّة الكبيرة لسرعة تلقّي العلاج، من المهمّ جدًا معرفة الأعراض التي قد تشير إلى السكتة الدماغيّة؛ وفي حال وجود أيّ شكّ - يجب الوصول فورًا وبشكل مستعجل إلى قسم الطوارئ في المستشفى.

الأعراض الأكثر أهميّة:

·       ضعف شديد وفجائي في اليد.

·       ضعف شديد وفجائي في القدم.

·       اضطراب حاد وفجائي في النطق - صعوبة فجائيّة في النطق، تغيير فجائي في النطق أو صعوبة فجائيّة في فهم الآخرين.

·       اعوجاج فجائي في الوجه.

·       اضطراب فجائي في الرؤية - فقدان القدرة بشكل فجائي على الرؤية بإحدى العينين، او اضطراب حاد وفجائي في رؤية جزء من مجال الرؤية الاعتيادي.

·       اضطراب فجائي في التوازن - مثلُا: شخص يقف بشكل عادي وثابت؛ وفجأة يفقد توازنه ولا يستطيع أن يثبّت نفسه في وضعيّة الوقوف.

·       صداع حاد وشديد.

ماذا تشمل عمليّة تشخيص السكتة الدماغيّة؟

الفحص الأوّل والطارئ الذي يجرى للشخص الذي يصل إلى المستشفى مع أعراض سكتة دماغيّة - هو فحص تصوير مقطعي محوسب (CT) للدماغ، والذي من خلاله فقط يستطيع الطبيب المختصّ (طبيب أعصاب) أن يشخّص فيما إذا الحديث يدور عن سكتة دماغيّة، نوعها (احتشاء أم نزيف)، هل يمكن تقديم علاج فوري وما هو العلاج المفضّل.

ما هو علاج السكتة الدماغيّة الناجمة عن الاحتشاء؟

الهدف من العلاج في الحالات التي تكون فيها السكتة الدماغيّة ناجمة عن انسداد شريان هو فتح الانسداد وتجديد تدفّق الدم.

تتوفّر اليوم وسائل مختلفة يمكن بواسطتها فتح الانسداد، مثل العلاج الوريدي بأدوية خاصة لإذابة خثرة الدم خلال دقائق وتجديد تدفّق الدم. يمكن العلاج أيضا بواسطة القسطرة - يتمّ إدخال أنبوب صغير عبر الأربيّة (أصل الفخذ) إلى داخل الشرايين حتى يصل إلى الشريان المسدود داخل الدماغ. عندا يصل الأنبوب إلى الشريان المصاب، يتمّ إخراج خثرة الدم المسبّبة للانسداد وبالتالي يتجدّد تدفّق الدم.

ما هو علاج السكتة الدماغيّة الناجمة عن النزيف؟

مصدر غالبيّة حالات النزيف هو في الشرايين الدقيقة والصغيرة جدًا، والتي لا تعود موجودة بعد تمزّقها - لذلك، في غالبيّة الحالات، الشريان نفسه لا يحتاج إلى علاج. الهدف من العلاج هو تحرير الضغط داخل الجمجمة من أجل منع استمراريّة الضرر.

طريقة العلاج تتعلّق بمسبّب النزيف. معظم المتعالِجين الذي يصابون بنزيف دماغي لا يحتاجون لعمليّة جراحيّة بل إلى علاج بالأدوية التي تساعد على تخفيف الضغط داخل الجمجمة او الضغط حول منطقة مصدر النزيف.

أحيانًا، عندما يكون النزيف ناجمًا عن تمدّد الأوعية الدمويّة، إحدى الطرق العلاجيّة هي علاج التمدّد وإغلاقه وذلك لمنع تدفّق الدم من خلاله. في بعض الحالات، يضطرّ المتعالجون للخضوع لعمليّة جراحيّة للدماغ، إذ يتمّ خلالها فتح الجمجمة من اجل تحرير الضغط.

هل يمكن تفادي السكتة الدماغيّة - وكيف؟

يجب على الأشخاص المعرّضين للإصابة بالسكتة الدماغيّة أن يعوا خطورة الأمر وأن يستشيروا الطبيب المعالِج أو طبيبًا مختصًا في المجال، وذلك لغرض تشخيص مستوى خطورة الحالة وفيما إذا كان بالإمكان تفادي حدوث السكتة وما هي الإجراءات الواجب اتّخاذها.

على سبيل المثال:

·       علاج دوائي وقائي - العديد من المتعالجين بحاجة إلى تلقّي علاج دوائي وقائي (مثل الأدوية المسيلة للدم). الأشخاص الذين يعانون من مشاكل وراثيّة، يستحسن إجراء تشخيص وتلقّي استشارة من طبيب مختصّ من أجل تحديد مستوى خطورة الحالة والعلاج الدوائي الوقائي الملائم.

·       متابعة - يجب على الأشخاص الذين أصيبوا في السابق بسكتة دماغيّة أن يجروا فحوصات متابعة لمحاولة تشخيص مسبّب السكتة، وفيما إذا كان بالإمكان السيطرة على هذا المسبّب.

·       موازنة الأمراض - الأشخاص الذين يعانون من أمراض - مثل: السكري أو فرط ضغط الدم - يجب عليهم الحرص على موازنة المرض.

·       فتح التضيّق - في الحالات التي يطرأ فيها تضيّق في الشرايين، والذي يكون ناجمًا عن أسباب وراثيّة، يجب استشارة طبيب مختصّ ليفحص ما إذا كانت هناك حاجة لفتح التضيّق من أجل منع الانسداد.

ملخّص: الخطأ الشائع والكبير هو عدم الوصول إلى قسم الطوارئ بشكل فوري، من منطلق الاعتقاد بانّ هذه الأعراض ستزول بعد اخذ قسط من الراحة. السكتة الدماغيّة هي حالة طارئة. يدور الحديث عن سباق الوقت، وتحتاج هذه الحالات إلى اهتمام وعلاج فوري. لذلك، في حالة أيّ شكّ - يجب الوصول فورًا لقسم الطوارئ في المستشفى. يستحسن الوصول إلى المستشفى بسيّارة الإسعاف (طاقم الإسعاف مؤهّل لتشخيص حالات السكتة الدماغيّة ويعرف كيف يبدأ بتقديم العلاج وبتهيئة المستشفى بالطريقة الصحيحة بناءً على تشخيص الحالة).

د. سالو حاراتس هو مختصّ في طبّ الأعصاب والسكتات الدماغيّة.

 موقع zap doctors

29/01/2020