العدسات الداخليّة في عمليّات الكاتاراكت: كيفيّة اختيارها

هذا المقال تمت الموافقه عليه من قبل الطاقم المهني

عمليّة الكاتاراكت تشمل استبدال العدسة الداخليّة العكرة في العين بعدسة اصطناعيّة. هناك أنواع كثيرة من العدسات التي يمكنها علاج حالات الخلل المختلفة في العين، إضافةً للكاتاراكت. هكذا يمكنكم اختيار العدسة الملائمة: دليل إرشادي.

العدسات الداخليّة في عمليّات الكاتاراكت: كيفيّة اختيارها

عمليّة الكاتاراكت هي عمليّة لإخراج العدسة الداخليّة في العين واستبدالها بعدسة اصطناعيّة. في معظم الحالات، تطرأ الحاجة لإجراء العمليّة في سنّ متقدّم، وذلك بعد أن تصبح العدسة الداخليّة عكرة مع مرّ السنين، إلى حدّ التشوّش الحقيقي في الرؤية. تجدر الإشارة إلى أنّه عند الولادة، وفي سنوات الطفولة الأولى، تكون العدسة شفّافة للغاية تقريبًا.

العدسات التي كانت مستخدمة في منتصف القرن الماضي في عمليّات الكاتاراكت كانت مصنوعة من مادّة تسمّى PMMA، والمعروفة بأحد أسمائها التجاريّة - بريسبكس (في بعض الحالات، تستخدَم هذه المادّة لصناعة العدسات اليوم أيضًا). التقدّم الكبير الذي طرأ منذ اكتشافها، كان تطوير عدسات يمكن طيّها وإدخالها إلى العين من خلال فتحة جراحيّة صغيرة جدًا.

منذ هذا التطوير، العدسات المستخدمة في عمليّات الكاتاراكت تطوّرت وتقدّمت كثيرًا. قبل 20 أو 30 عامًا، كان من المحتمل أن يظهر نموذج معيّن من العدسات التي تؤدّي إلى ردّ فعل في العين مع مرّ الوقت أو العدسات التي تفقد من شفافيّتها، لكن اليوم هذه الظاهرة تكاد تكون غير موجودة. العدسات المتوفّر اليوم مصنوعة من مواد كيميائيّة ممتازة.

أيّ أنواع من العدسات متوفّرة اليوم؟

في كلّ ما يتعلّق بالمميّزات البصريّة للعدسات، شهدنا تقدّمًا كبيرًا في العقود الأخيرة، لكنّ النتائج ما زالت بعيدة عن العدسات الأمثل التي يسعى الباحثون للتوصّل إليها. مع ذلك، هناك نوعان أساسيّان من ضعف النظر، واللذان يمكن حلّهما بواسطة أنواع العدسات المتوفّرة اليوم.

تعديل العدسة الاسطوانيّة-السيلندر (اللابؤريّة) - السيلندر هو الحالة التي يكون فيها شكل قرنيّة العين غير كروي بل بيضوي، أيّ: تحدّبها ليس متماثلًا، بل يكون أكبر في أحد المحاور، مقارنةً بالمحور الآخر.

في الماضي، استطاعت العدسات الداخليّة الاضطناعية تعديل "الدرجة" فقط. مرضى الكاتاراكت، الذين كانوا يعانون أيضًا من السيلندر، استخدموا بعد العمليّة نظارات لتعديل السيلندر. تتوفّر اليوم عدسات حَيديّة، فيها تحدّبات مختلفة في المحاور المختلفة. بواسطتها، يمكن أيضًا تعديل السيلندر. طالما أنّ السيلندر في القرنيّة هو سيلندر نمطي، وليس فيه تعقيد كبير، تلبّي هذه العدسات الحاجة بشكل ممتاز.

الحاجة إلى مجالات مختلفة من التركيز - بإمكان عدسة العين الطبيعيّة أن تغيّر شكلها، وذلك للتركيز وفقًا لمجالات الرؤية المختلفة، لكن كلّما تقدّمنا في السنّ، تنخفض قدرتها وتصبح محدودة من حيث حدّتها. هذه المشكلة تجعل الكثيرين يرون بوضوح للمدى البعيد؛ بينما تشوّش الرؤية عن قُرب، ممّا يحتاج إلى إيجاد حلّ مثل تركيب نظّارات متعدّدة البؤر (مولتيفوكال). العدسات العاديّة التي نقوم بزراعتها في عمليّات الكاتاراكت، والتي تعدّل الدرجة، وأيضًا العدسات الحَيديّة التي تعدّل السيلندر، بإمكانها أن تتيح المجال للرؤية إلى مدًى واحد بعد العمليّة، غالبًا للمدى البعيد، لكنّها لا تتيح إمكانيّة الرؤية الحادّة لكلّ المجالات.

حتى الآن، كانت هناك محاولات كثيرة لصنع عدسة داخليّة اصطناعيّة، وظيفتها تقلّد وظيفة العدسة الطبيعيّة النشطة، وتغيّر من شكلها وبالتالي من تركيزها عند الحاجة، إلّا أنّ جميع هذه المحاولات باءت بالفشل. اليوم، وبالإضافة إلى عمليّة الكاتاراكت، يمكن توفير حلّ للأشخاص الذين يعانون من هذه المشكلة من خلال عدسات داخليّة متعدّدة البؤر (مولتيفوكال). مساحة هذه العدسات مقسّمة إلى مناطق مختلفة، وفقًا لمجالات الرؤية المطلوبة، بحيث أنّ كلّ جزء من العدسة يتلاءم مع مستوى التركيز المطلوب، وعمليًا في كلّ مجال رؤية، يقوم جزء واحد فقط من العدسة بتزويد صورة حادّة.

في غالبيّة الحالات، مرضى الكاتاراكت الذين يحتاجون إلى هذا الحلّ يتدبّرون أمورهم بشكل جيًد مع هذا النوع من العدسات، لكن هناك جزء من المرضى الذين سيعانون من اضطرابات مختلفة في الرؤية. بالإضافة، في بعض الحالات، تكون هناك حاجة لتركيب نظارات لمجالات رؤية معيّنة، برغم استخدام هذه العدسات.

هناك حلّ آخر لمرضى الماتاراكت الذين يرغبون بالتقليل من استخدام نظارات القراءة بعد إجراء العمليّة. هذا الحلّ يسمّى MonoVision وهو مكوّن من عدستين مختلفتين: في إحدى العينين يتمّ تركيب عدسة تعدّل الرؤية للمدى البعيد؛ وفي العين الأخرى يتمّ تركيب عدسة تعدّل مجال متوسّط معيّن. الرؤية عن قُرب ما زالت بحاجة إلى استخدام النظارات.

لدى العديد من الأشخاص الذين أجروا زراعة عدسات بطريقة MonoVision، يتعلّم الدماغ كيفية التعامل مع هذا الحلّ ويصبح بإمكانه تفسير الصورة كما ينبغي في كلّ مجال من مجالات الرؤية، لكنّ هذا الحلّ ليس مُرضيًا بما فيه الكفاية، بالمقارنة مع العدسات الداخليّة المتعدّدة البؤر.

كيف تتمّ ملاءَمة العدسات للمتعالِج؟

ملاءَمة العدسات الداخليّة للمتعالِج تعتمد على ضعف النظر الذي يعاني منه المتعالِج، لكن ما لا يقلّ أهميّة، تعتمد أيضًا على النتيجة التي يرغب المتعالِج بالحصول عليها. على سبيل المثال، إذا أراد المتعالِج من خلال عمليّة الكاتاراكت علاج الكاتاراكت وأيضًا التغلّب على ضعف النظر الذي يحتاج منه إلى تركيب نظارات متعدّدة البؤر أو نظارات لتعديل السيلندر - يبذل الأطبّاء كلّ ما بوسعهم لملاءَمة عدسات داخليّة مناسبة له (التي تهدف إلى حلّ المشكلتين معًا)، لكنّ الأمر يحتاج إلى إجراء سلسلة من الفحوصات الأخرى والتي تنطوي على دفع تكاليف أكبر.

إذا رغب المتعالِج بتجنّب الفحوصات والتكاليف الزائدة، وكان مستعدًا للاستمرار في الاستعانة بنظارات قراءة أو بنظارات لتعديل السيلندر، يمكن استخدام عدسة مع درجة فقط، ومن ثمّ ملاءَمة نظارات مناسبة له لاحقًا.

هل من المتوقّع في المستقبل تطوير أنواع أخرى من العدسات؟

يبذل الباحثون والأطبّاء جهودًا كبيرة لتطوير العدسات المتوفّرة اليوم بشكل دائم، وذلك لحلّ المشاكل المختلفة التي يعاني منها المتعالِجون. بالإضافة لهذه الجهود، يتمّ استثمار جهود كبيرة أيضًا على صعيد آخر، والمرتبط في أنواع العدسات - تخطيط موضع العدسة.

قطر العدسة الداخليّة المصابة بالكاتاراكت، أكبر من قطر العدسة التي يتمّ إدخالها إلى العين خلال العمليّة، أيّ أنّ العدسة البديلة لها مجال أوسع نسبيًا للتموضع داخل العين. خلال العمليّة، يضع الجرّاح العدسة في مكان يتلاءَم بشكل دقيق مع الاحتياجات البصريّة لدى المتعالِج، لكن عمليًا، فقط من بعد التعافي الذي يستمرّ بضعة أشهر، يستقرّ موضع العدسة النهائي.

يتمّ تحديد موضع العدسة وفقًا لقياسات دقيقة للعين، ووفقًا لحسابات رياضيّة وإحصائيّة أيضًا. الحسابات جيّدة في معظم الحالات، لكن ليس تمامًا. خلال التعافي، وبسبب فترة التعافي، قد تتموضع العدسة في موضع يختلف قليلًا عن الموضع المخطّط له، ممّا يؤدّي إلى خطأ بنصف درجة، درجة كاملة وأحيانًا أكثر. تحرّك العدسة من موضعها يحتاج في العديد من الأحيان إلى تركيب نظارات. للتغلّب على هذه الظاهرة، يبذل الأطبّاء والباحثون اليوم جهودًا كبيرة لصنع عدسات تتيح المجال لتغيير بصريّات العين بعد تعافيها، ولتطوير تكنولوجيات مبتكرة لنحت العدسة بعد العمليّة من أجل تصحيح الأخطاء البصريّة المتبقّية. هذه الجهود ما زالت في بدايتها. لا شكّ أنّ هذا هو الاتّجاه الذي يسعى إليه المجال في المستقبل.

ملخّص: في عمليّة الكاتاراكت، يتمّ استبدال العدسة الداخليّة العكرة في العين بعدسة اصطناعيّة بديلة. ما يسعى إليه الأطبّاء والباحثون هو استبدال العدسة الداخليّة بعدسة تحلّ مشاكل ضعف النظر المختلفة التي يعاني منها المتعالِج، على الأقلّ غالبيّتها، لكن التكنولوجيا المتوفّرة حاليًا ما زالت غير قادرة على تقليد مميّزات العدسة الطبيعيّة. مشاكل ضعف النظر التي يمكن علاجها بواسطة أنواع العدسات المتوفّرة اليوم هي، من بين جملة الأمور، الحاجة إلى تركيز متغيّر أو إلى سيلندر. يتمّ علاج هذه المشاكل بنجاح في غالبيّة الحالات. بعض الأشخاص الذي يجرون العمليّة يحتاجون إلى تركيب نظارات بعد العمليّة، لكنّ الأطبّاء يبذلون جهودًا كبيرة من أجل تحسين النتائج وتطوير العدسات القائمة، بحيث تقلّ الحاجة لذلك في المستقبل.

د. دافيد فرسانو، أخصّائي في طبّ العيون، مختصّ في الكاتاراكت، القرنيّة والعين الخارجيّة، مدير وحدة القرنيّات ومدير المقطع الأمامي في مستشفى إيخيلوف.

 zap doctors.

 

30/07/2020