الغدد اللعابيّة: الحصى المتراكمة

هذا المقال تمت الموافقه عليه من قبل الطاقم المهني

انسداد الغدد اللعابيّة بسبب الحصى أو تضيّق الأنبوبة - قد يكون أمرًا مزعجًا وقد يتفاقم ليصبح تلوّثًا. العلاج التنظيري الداخلي السهل هو الحلّ لمعظم الانسدادات

الغدد اللعابيّة: الحصى المتراكمة

انسداد الغدد اللعابيّة يحدث لدى ما يقارب نصف بالمئة من الأشخاص، ويتمّ علاجه من خلال عمليّة تنظيريّة داخليّة تمّ تطويرها واستعمالها قبل بضع سنوات. هذه العمليّة تتيح إمكانية الوصول إلى الانسداد وفتحه من خلال تجويف الفم (في غالبيّة الحالات، ليست هناك حاجة لاستخراج الغدّة اللعابيّة نفسها).
 
ما هي وظيفة اللعاب الذي نفرزه إلى تجويف الفم؟

توجد حول فمنا 4 غدد لعابيّة كبيرة. اثنتان منها موجودتان في الخدّين، تحت سحمة الأذن من الأمام، واثنتان في المنطقة ما تحت الفكّ. تخرج من الغدد أنبوبات إفراز صغيرة مسؤولة عن نقل اللعاب الذي تمّ إفرازه إلى تجويف الفم.

يزداد إفراز اللعاب في أوقات قريبة من تناول الوجبات (أحيانًا، مجرّد التفكير بالطعام يثير عمليّة إفراز اللعاب) وأثناء تناول الوجبة نفسها. تقلّ كميّة اللعاب في ساعات الليل. يساعد اللعاب على تليين الغذاء من أجل تسهيل عمليّة ابتلاعه. بالإضافة، للعاب دور مهمّ في منع التسوّس، فهو يمنع التصاق الجراثيم في اللسان ويقلّل من مستوى الحامضيّة في الفم. وأخيرًا: يساعد اللعاب أنسجة الفم على تنظيف تجويف الفم تلقائيًا بشكل دائم.

ما هي أنواع الانسدادات التي تتكوّن في الغدد اللعابيّة؟

معظمنا لا نشعر بوجود الغدد اللعابيّة بتاتًا، إلى أن يحدث فيها انسداد. الانسداد قد ينجم عن حصوة تتكوّن في الغدّة وتمنع عمليّو إفراز اللعاب، أو عن تضيّق أنبوبة الإفراز. الانسداد الناجم عن الحصوة يحدث لدى ما يقارب نصف بالمئة من الأشخاص خلال حياتهم - وسبب ذلك غير معروف اليوم بشكل مؤكّد. النظريّة السائدة اليوم تشبّه الأمر بتكوّن الحصى في المرارة أو الكلى؛ أيّ انّ الأمر ناتج عن ترسّب الأملاح الموجودة في اللعاب على جدران أنبوبات الإفراز. التكلّس الناجم عن ترسّب الأملاح يؤدّي إلى تكوّن حصى يمكنها أن تسدّ الأنبوبة أو تضيّقها بشكل كبير. يدور الحديث عن تكلّس يبدأ صغيرًا جدًا، ويكبر بوتيرة مليمتر واحد في السنة.

ما هي أعراض الانسداد في الغدّة اللعابيّة؟

أعراض الانسداد في الغدّة اللعابيّة تشكل انتفاخًا في جانب الخدّ أو تحت الفكّ، يتعلقّ الامر بالغدّة المسدودة. يحدث الانتفاخ بالأساس أثناء تناول الوجبات، إذ تحتاج هذه العمليّة إلى إفراز المزيد من اللعاب.

يزول الانتفاخ من تلقاء نفسه، أحيانًا خلال زمن قصير - واحيانًا خلال بضعة أيّام. قد يكون الانتفاخ مصحوبًا بالآلام. بالإضافة، اللعاب الذي يتمّ إفرازه من الغدّة المسدودة يكون عكرًا وأكثر لزوجة - وأحيانًا يكون طعمه مختلفًا عن طعمه المعتاد.

في حالات قصوى، قد تنتقل الجراثيم من تجويف الفم إلى الغدّة نفسها، ممّا يؤدّي إلى تلوّث شديد مصحوب بارتفاع درجة حرارة الجسم، إفراز قيح وألم شديد.

كيف يتمّ تشخيص الانسداد في الغدد اللعابيّة؟

التشخيص يشمل فحصًا سريريًا يجريه طبيب أخصائي في جراحة الفم والفكّ، أو أخصائي في جراحة الأنف، الأذن والحنجرة والذي تخصّص في انسدادات الغدد اللعابيّة.

بعد الفحص السريري ووفقًا لنتائجه، يقرّر الطبيب الذي يجري الفحص بشان إجراء أحد الفحوصات التصويريّة الطبيّة التالية: الأمواج الفوق صوتيّة (أولتراساوند)، التصوير المقطعي المحوسب (CT) أو فحص خاصّ للغدّة اللعابيّة (يسمّى سيالوغرافيا - تصوير الأنبوبة اللعابيّة).

يتمّ اتّخاذ القرار بشأن نوع الفحص التصويري وفقًا للاشتباه السريري بموضع الحصوة أو الانسداد، وبأقلّ مستوى ممكن من تعرّض المتعالج للإشعاعات.

كيف يتمّ علاج الانسداد في الغدد اللعابيّة؟

يتمّ العلاج من خلال عمليّة تنظيريّة داخليّة للغدد اللعابيّة - وهي عمليّة جراحيّة تتمّ بواسطة كاميرا صغيرة قطرها أقلّ من مليمتر واحد، يتمّ إدخالها عبر أنبوبة الإفراز إلى الغدّة اللعابيّة. من خلال العمليّة التنظيريّة الداخليّة للغدّة اللعابيّة، يمكن إجراء تشخيص دقيق؛ وبالتالي علاج الانسدادات في الغدد اللعابيّة، وكذلك الأمر لاستخراج الحصى الصغيرة من الأنبوبة.

يدور الحديث عن عمليّة تحتاج إلى مهارات خاصّة ودقّة عالية لإجرائها. من أفضليّات هذه العمليّة أنّها تتيح إمكانيّة علاج الانسداد من خلال الدخول عبر تجويف الفم، بحيث تواصل الغدّة المصابة عملها بعد العلاج.

ما هي أنواع العلاج المتوفّرة لانسداد الغدد اللعابيّة؟

يتعلّق نوع العلاج بنوع الانسداد الذي تكوّن: بسبب تضيّق انبوبة الإفراز أو بسبب تكوّن حصوة أدّت إلى انسداد الغدّة.

علاج تضيّق أنبوبة الإفراز هو توسيع المنطقة المتضيّقة، وذلك بواسطة الجهاز التنظيري الداخلي نفسه أو بواسطة بالون صغير يتمّ إدخاله إلى المنطقة لتوسيعها. البالون أشبه بالبالون المستخدم لقسطرة الأوعية الدمويّة في القلب. يتمّ إدخال البالون وهو فارغ إلى أنبوبة إفراز اللعاب، ثمّ يتمّ نفخه عندما يكون في الداخل. الهدف منه هو توسيع النسيج من أجل إتاحة المجال لإفراز اللعاب بشكل سليم - ويتمّ إخراجه في نهاية العلاج.

يتمّ تحديد علاج الحصى في الغدد اللعابيّة بحسب حجم الحصوة وموضعها. الحصى الأكثر شيوعًا تتكوّن في الغدّة اللعابّية الموجودة تحت الفكّ. عندما تكون الحصى صغيرة، تتواجد غالبًا في الجزء البعيد عن الغدّة - والقريب أكثر من فتحة الإفراز (أي القريب من قاعدة الفم). في هذه الحالة، يتمّ استخراج الحصوة بواسطة المنظار الداخلي.

إذا كانت الحصوة أكبر، لكنّها تتوجد في المنطقة الأماميّة، العلاج يشمل عمليّة جراحيّة صغيرة للكشف عن الحصوة بواسطة شقّ أنبوبة الإفراز قليلًا واستخراج الحصوة.

يتمّ إجراء هذين العلاجين في العيادة، وغالبًا تحت تخدير موضعي. العمليّة تستغرق أقلّ من ساعة واحدة، ويظهر بعدها انتفاخ في الغدّة، يزول معظمة في غضون 24 ساعة. بشكل عام، هذه العمليّة لا تسبب آلامًا كبيرة، لكن يشعر المتعالج بضغط في منطقة العمليّة لبضع ساعات ثمّ يزول.

بعد مرور ساعة أو ساعتين على العمليّة، يعود المتعالج فورًا إلى بيته، يتناول المضادات الحيويّة لمدّة أسبوع - ويجب عليه تدليك الغدّة لتخفيف الانتفاخ.

ماذا نفعل عندما تكون الحصوة قريبة من الغدّة نفسها؟

عندما يظهِر الفحص التصويري أنّ الحصوة كبيرة وتتواجد في موضع داخلي قريب من الغدّة نفسها (أيّ في الحدّ بين الفم والرقبة)، يتمّ إجراء عمليّة جراحيّة تحت تخدير كلّي. خلال العميلّة الجراحيّة، يتمّ الوصول إلى الغدّة الموجودة داخل الرقبة عبر الأنبوبة. يتمّ تحديد موضع الحصوة الدقيق بواسطة المنظار الداخلي - ويتمّ شقّها من الداخل لاستخراج الحصوة. يتمّ إجراء العمليّة الجراحيّة تحت تخدير كلّي في مركز طبي يحتوي على غرفة عمليّات.
 

ما هي مراحل التعافي من عمليّة كهذه؟

بعد العمليّة، يحتاج المتعالج إلى المكوث للتعافي في البيت لمدّة يومين أو ثلاثة، ويجب عليه تناول مضادات حيويّة لمدّة أسبوع. في بعض الأحيان، قد يحتاج المتعالج إلى الاستشفاء لليلة واحدة في المستشفى قبل تسريحه إلى البيت. خلال أوّل يومين، يجب على المتعالج أن يتناول كعامًا طريًا وباردًا.

ما هي المخاطر؟ هل هناك أعراض جانبيّة؟

على امتداد أنبوبة الإفراز في الغدّة اللعابيّة تحت الفكّ توجد اعصاب مسؤولة عن الإحساس في اللسان. في حالات نادرة، يمكن أن يشعر المتعالج بخدر في اللسان. في معظم الحالات، هذه الظاهرة (التي تحدث في نسبة ضئيلة من الحالات) تزول خلال بضعة أسابيع.

ملخّص: نسب نجاح علاج الانسداد في الغدّة اللعابيّة عالية - وليست هناك حاجة لاستخراج الغدّة نفسها. في حالات نادرة فقط، عندما تتواجد الحصوة عميقًا داخل الغدّة (ولا يمكن استخراجها بطريقة داخليّة عبر تجويف الفم) - يتمّ استخدام الطريقة الخارجيّة وبالتالي يجب استخراج الغدّة اللعابيّة بأكملها.

د. غال أفيشاي هو أخصّائي جراحة الفم والفكّين، أخصّائي جراحة وتنظير داخلي للغدد اللعابيّة، مدير العيادة الخارجيّة في قسم طبّ الفم والفكّ في مستشفى بلينسون في بيتح تيكفا

ساعد في إعداد المقالة: يوتام بن مئير، مراسل Zap Doctors
 

05/12/2019