اضطراب النظم القلبي: عليكم الانتباه والحذر

هذا المقال تمت الموافقه عليه من قبل الطاقم المهني

يتخطّى القلب نبضة؟ على الأرجح أنّ ذلك اضطراب نظم قلبي شائع وغير خطر. مع ذلك، بعض حالات اضطراب النظم القلبي قد تكون مميتة. تمارسون ركض الماراثون؟ عليكم توخّي الحذر

اضطراب النظم القلبي: عليكم الانتباه والحذر

يحتوي القلب على جهاز إنظام وتوصيل كهربائي، وهو يحدّد بشكل طبيعي وتيرة نبضات القلب وفقً لاحتياجات الجسم المختلفة (الراحة والمجهود). اضطراب النظم يعني التشوّش في آليّة الإنظام الطبيعيّة. هناك اضطرابات نظم قلبي قد تؤدّي إلى الوفاة.

ما هي الأنواع المختلفة لاضطراب النظم القلبي؟

هناك عدّة أنواع لاضطراب النظم القلبي. من المتّبع تقسيمها إلى فئتين أساسيّتين: اضطرابات نظم بطيئة واضطرابات نظم سريعة.

اضطرابات النظم البطيئة (اضطرابات في التوصيل): إنظام بطيء للقلب، ينجم عن عائق في نظام التوصيل الطبيعي. اضطرابات النظم البطيئة قد تؤدّي إلى ظهور أعراض (غالبًا عندما تنخفض وتيرة نبضات القلب إلى دون الـ 40 نبضة في الدقيقة) مثل الضعف، الدوار وأحيانًا الإغماء.

العلاج لهذه الحالة هو تركيب منظّم ضربات القلب، والذي يحلّ مكان المنظّم الطبيعي في الجسم، ويحافظ على وتيرة النبضات الأدنى، وفقًا لكيفيّة برمجته.

اضطرابات النظم السريعة: إنظام سريع للقلب، وهو ناجم عن أنّ منطقة أخرى في القلب (في حجرات القلب أو في البطينين) تعمل بوتيرة أسرع. عندما يكون هناك مركز إنظام خارج منظّم القلب الطبيعي، ويعمل بوتيرة أسرع أو أبطأ من المنظّم الطبيعي، يصبح هو العامل المسيطر ويحدّد وتيرة نبضات القلب. في هذه الحالة، يتمّ كبح عمل المنظّم الطبيعي ولا يعود بمقدوره الإنظام.

تنقسم اضطرابات النظم القلبي السريعة إلى اضطرابات خارج الحجرات (المنطقة التي تحدّد وتيرة النبضات موجودة في البطينين، من فوق حجرات القلب) وإلى اضطرابات داخل الحجرات، وهي الأخطر.

النبضات المبكّرة: ظاهرة شائعة - موجودة لدى نحو %60 من السكّان. يدور الحديث عن نبضات مصدرها من خارج الحجرات أو من الحجرات، وهي تظهر بين الحين والآخر بين نبضات المنظّم الطبيعي.

أكثر الأعراض شيوعًا لهذه الحالات هي الشعور بخفقان القلب: "تخطّي نبضة" وكأنّ القلب يتوقّف. يظهر هذا الشعور بالأساس وقت الراحة. النبضات المبكّرة هي ظاهرة حميدة وشائعة كما ذكرنا، وليست هناك ضرورة لعلاجها.

اضطرابات النظم خارج الحجرات

اضطرابات مصدرها في البطينين من فوق حجرات القلب. قد تؤدّي هذه الاضطرابات إلى شعور غير جيّد، لكن غالبيّتها لا تشكّل خطورة على حياة الإنسان.

الرجفان البطيني

هناك اضطراب نظم شائع خارج الحجرات، وهو الرجفان البطيني. في هذه الحالة، يتمّ إحباط المنظّم الطبيعي، لأنّ مئات المناطق في البطينين تنظّم النبضات كلُّ بحسب وتيرتها. النتيجة - وتيرة نبضات قلب سريعة وغير منتظمة. من الأسباب الممكنة لهذا الاضطراب: ضغط الدم المرتفع، غير المتّزن؛ مرض قلب إكليلي (حالة مثلًا حالة تطرأ بعد نوبة قلبيّة)؛ السكري؛ أمراض في الصمامات؛ أمراض في عضلة القلب (اعتلال عضلة القلب)؛ الإفراط في شرب الكحول؛ فرط نشاط الغدد الدرقيّة؛ حالات تؤدّي إلى ارتفاع درجة الحرارة مثل التهاب التامور (التهاب غشاء القلب)؛ كما واتّضح أنّ هناك علاقة مباشرة بين النشاط الجسماني الذي ينطوي على مخاطر (إكستريم) مثل الماراثون أو مسابقات الرجل الحديدي، وبين الرجفان البطيني.

بعض الأشخاص الذين يعانون من الرجفان البطيني معرّضون لخطورة الإصابة بسكتات دماغيّة نتيجة الرجفان. يتوجّب على هؤلاء الأشخاص تلقّي علاج مضادّ للتخثّر لتفادي هذه المضاعفات والأعراض. يمكن علاج الرجفان نفسه بإحدى الطرق التالية:

1. إعادة المريض إلى النظم السليم (النظم الجيبي "سينوس") دوائيًا أو كهربائيًا، ومتابعة العلاج الدوائي لتفادى تكرار الرجفان. إمكانيّة أخرى وهي عمليّة قسطريّة - اجتثاث، وتهدف إلى استعادة النظم السليم.

2. مراقبة نظم الرجفان: من خلال هذه الطريقة العلاجيّة، يتلقّى المريض بشكل ثابت علاجًا دوائيًا للحفاظ على نبضات القلب في النطاق السليم، أيّ منع نبضات القلب السريعة.

ليست لإحدى الطريقتين المذكورتين أفضليّة بارزة على الأخرى، لذلك كلاهما ملائمتان.

ما هو اضطراب النظم من نوع SVT؟

SVT هو اضطراب نظم سريع خارج الحجرات، وهو ظاهرة شائعة جدًا. بخلاف الرجفان البطيني، هذا الاضطراب يؤدّي إلى نوبات تسارع نبضات القلب، لكنّها تبقى منتظمة. يظهر هذا الاضطراب لأنّ المنظّم الثانوي للقلب (AV) يبدأ بالعمل بوتيرة سريعة. يمكن علاج هذا الاضطراب بنجاعة من خلال عمليّة قسطريّة (اجتثاث)، والتي تقطع الدائرة الكهربائيّة التي تسبّب الاضطراب.

اضطرابات النظم داخل الحجرات

نذكر هنا اضطرابيّ نظم سريعين مصدرهما داخل حجرات القلب - تسرّع القلب البطيني والرجفان البطيني. هذه الظواهر تعرّض حياة المريض للخطر. الظاهرة المعروفة باسم النوبة القلبيّة تنجم في بعض الحالات عن هذه الاضطرابات.

تسرّع القلب البطيني (VT)

اضطراب نظم سريع، وكما ذكرنا يعرّض حياة المريض للخطر؛ ومن مسبّباته:

1. مشكلة في أداء أو مبنى القلب، مثلا في أعقاب نوبة قلبيّة، أمراض في عضلة القلب (اعتلال عضلة القلب) أو التهاب عضلة القلب.

2. في الحالات التي يكون فيها مبنى وأداء القلب سليمين، مثلًا متلازمة QT الطويلة، متلازمة بروغادا وبعض الحالات الأخرى، جميعها ليست شائعة وتنجم عن طفرة في الجينات المسؤولة عن إنتاج الزلال الموصل للأيونات في القلب. هذه الزلاليات تساهم في توصيل الكهرباء في القلب، وإصابتها بطفرة قد تعرقل أداءها وتؤدّي إلى اضطرابات نظم.

في بعض الأحيان، يتمّ تشخيص وجود طفرات كهذه لدى الأشخاص الذين لا يعانون من أيّ أعراض، من خلال فحص تخطيط كهربائية القلب (ECG) الاعتيادي (مثلًا: عند فحص الرياضيّين، الذين يحتاجون إلى شهادة طبيّة من خلال فحوص روتينيّة، أو من خلال الفحوص التي يتمّ إجراؤها لغرض تأمين الحياة)؛ يمكن طبعًا تشخيص هذه الطفرات من خلال فحوص يتمّ إجراؤها بسبب ظهور أعراض ناجمة عن اضطراب النظم القلبي: مثلًا نبضات القلب أو الغيبوبة المؤقّتة (Syncope).

كيف يمكن تفادي اضطرابات النظم القلبي غير الناجمة عن عوامل وراثيّة؟

لتفادي اضطرابات النظم القلبي غير الناجمة عن عوامل وراثيّة - يجب معالجة عوامل الخطورة لتصلّب الشرايين والمرض الإكليليّ بأسرع ما يكون، لأنّ هذا المرض (الذي يؤدّي إلى نوبات قلبيّة) هي العامل الأساسي لاضطراب النظم الذي يشكّل خطرًا على الحياة (سكتة قلبيّة)؛

لتفادي الرجفان البطيني، يجب موازنة ضغط الدم العالي، والذي قد يؤدّي مع مرور الوقت إلى توسيع البطينين، وبالتالي إلى الرجفان. (بعد أن يتوسّع البطينين، لا يمكن إعادة انقباضهما مجدّدًا؛ لذلك هناك أهميّة كبيرة لعلاج ضغط الدم المرتفع بأسرع وقت ممكن). علاج الصمّام المتضيّق أو المسرِّب في الوقت الملائم، قد يمنع حالات الرجفان البطيني. بما أنّ المرض الإكليليّ هو أحد مسبّبات الرجفان البطيني، فإنّ تلقّي العلاج الوقائي لعامل الخطورة هذا يساعد أيضًا على تفادي حدوث الرجفان البطيني.

كيف يمكن علاج اضطرابات النظم التي تشكّل خطورة على الحياة؟

عندما يتمّ تشخيص المريض ويتبيّن أنّ هناك خطورة كبيرة لحدوث اضطراب نظم يشكّل خطورة على الحياة (سكتة قلبيّة)، فإنّ العلاج المتوفّر اليوم والذي يمكن أن ينقذ حياته هو جهاز منظِّم مزيل رجفان داخلي. يتمّ تركيب هذا الجهاز من تحت الجلد (يبدو كالمنظِّم الاعتيادي) ويتمّ توصيل طرفه إلى قطب كهربائي (إلكترودا) يتمّ إدخاله إلى الحجرة اليمنى للقلب. بإمكان الجهاز أن يجد اضطراب النظم داخل الحجرات في الوقت الحقيقي - وأن يصدِر ضربة كهربائيّة لإعادة القلب إلى أدائه السليم - فينقذ الحياة.

هناك بعض الأدوية التي تقلّل عدد حالات اضطراب النظم القلبي، لكنها لا تقلّل من خطورة الإصابة بسكتة قلبيّة. لذلك، في هذه الحالات، لا يمكن الاكتفاء بالعلاج الدوائي، بل يجب تركيب منظِّم مزيل رجفان للمريض.

هل هناك حاجة لتبديل المنظِّم؟

زراعة المنظّم تتمّ من خلال عمليّة بسيطة نسبيًا - وتتطلب تبديل جسم المنظِّم والبطاريّة، مرّة كلّ 10-7 سنوات، وفقًأ لوتيرة عمله. بعد زراعة المنظِّم، يمكن العودة لممارسة الحياة الطبيعيّة، بما في ذلك النشاط الجسماني، بشكل معقول. هناك بعض التقييدات الخاصة، مثلًا عدم المرور تحت جهاز مقياس المغناطيسية (ماجنومتر - جهاز للفحص الأمني) أو إجراء فحص MRI (تتوفّر اليوم منظِّمات تتيح إمكانيّة إجراء فحص MRI، لكن ما زالت إمكانيّة حدوث اضطرابات في أداء المنظِّم قائمة - لذلك، من المفضّل إجراء فحوص تصويريّة أخرى للأشخاص مع منظِّم).

ملخّص: من المفضّل طبعًا اتّباع نمط حياة صحّي ومنع حدوث اضطرابات النظم القلبي التي يمكن تفاديها. إذا كان هناك احتمال لحدوث اضطراب نظم يشكّل خطورة على الحياة، فإنّ الدمج بين العلاج بالأدوية التي تقلّل عدد الحالات وبين جهاز مزيل الرجفان الذي يعالج اضطراب النظم القلبي في الوقت الحقيقي (بعد حدوثه)، هو الدمج الأنجح والأفضل اليوم لمنع السكتة القلبيّة.

بروفسور دافيد روط هو طبيب مختصّ كبير، في مركز إعادة تأهيل القلب في مركز علاجات القلب في مستشفى شيبا، تل هشومير.

موقع zap doctors.

 

01/06/2020