الحمل: تأخّر في نموّ الجنين
الجنين الصغير قد يدلّ على وجود أمراض أو تشوّهات قدّ تؤدّي إلى إصابة الجنين أو حتى إلى وفاته - وفي بعض الأحيان قد تؤدّي إلى حالة مرضيّة شديدة لدى الأم. من الضروري جدًا إجراء فحوصات للمتابعة
نموّ الجنين داخل الرحم هو إشارة على صحّة الجنين وسلامة الحمل – لذلك هناك أهميّة كبيرة لمتابعة نموّ الجنين ووتيرة نموّه. الجنين السليم ينمو بكيلوغرام واحد حتى الأسبوع 27 من الحمل – وبكيلوغرامين بين الأسابيع 37-27 من الحمل، وهي أيضًا الأسابيع العشرة التي يبلغ فيها الجنين ذروة نموّه. عندما يكون حجم الجنين صغيرًا بالنسبة لجيل الحمل - قد يشير الأمر إلى وجود أمراض، تشوّهات او اضطرابات كروموزوميّة لدي الجنين وفي المشيمة، وقد يشير أحيانًا إلى وجود أمراض لدى الأم. قد يتفاقم الأمر ويؤدّي إلى وفاة الجنين؛ وفي بعض الحالات، قد يسبّب حالات مرضيّة لدى الأم.
ما هو الجنين الصغير؟ ما هو المؤشر لذلك؟
التقدير المركزي لحجم الجنين يعتمد على وزنه، محيط البطن، محيط الرأس وطول العظام. يتمّ تصنيف الجنين على أنّه صغير غذا كان حجمه أصغر من النسبة المئويّة العاشرة - وفقًا لجيل الحمل، أو إذا كان هناك انحراف شديد في وتيرة نموّه.
ما هي مخاطر الجنين الصغير؟
الخطورة الأولى والفوريّة هي وجود حالة مرضيّة لدى الجنين - والتي قد تؤدّي في حالات قصوى إلى وفاته داخل الرحم، والتسبّب بحالات مرضيّة ونقص السكر في الدم من بعد الولادة. بالإضافة لذلك، للجنين الصغير تأثيرات بعيدة الأمد، ابتداءً من اضطرابات نقص الانتباه وانتهاءً باضطرابات في نشاط الدماغ وحتى السكتة الدماغيّة. تزداد الخطورة إذا كان لدى الجنين، بالإضافة إلى التأخّر في النموّ، تسوّه تشريحي او اضطراب كروموزوميّ.
مضاعفات الحمل. صورة توضيحيّة: شاترستوك
ماذا يمكن أن تكون أسباب تأخّر نموّ الجنين داخل الرحم؟
أسباب وراثيّة: بعض الأجنّة صغار لأنّ تلك هي صفاهم الوراثيّة (مثلًا أجنّة لأهل قصار القامة) - وليست هناك أيّ انعكاسات طبيّة لحجمهم.
خطأ في جيل الحمل: حساب جيل الحمل بشكل خاطئ قد يؤدّي إلى التوصّل إلى استنتاجات مغلطة بشأن حجم الجنين السليم.
مشاكل في المشيمة: هناك بعض العوامل المرتبطة بالمشيمة، والتي قد تؤدّي إلى تأخّر في نموّ الجنين داخل الرحم (مثلًا: مشيمة غير مستقرّة في مكانها جيدًا، انفصال المشيمة وغيرها).
التعرّض لتلوّث داخل الرحم: بعض التلوّثات التي تتطوّر أثناء الحمل تنتقل للجنين داخل الرحم، مثلًا: CMV، الحصبة الألمانيّة أو داء المقوسات-Toxoplasmosis. هذه التلوّثات قد تؤدّي إلى وقف نموّ الجنين أو إلى صغر حجمه.
تشوّهات لدى الجنين أو ضرر كروموزوميّ: كلّما كانت هناك تشوّهات أو أضرار كروموزوميّة أكثر - مثل متلازمة داون - يزداد احتمال وجود جنين صغير بالنسبة لجيل الحمل.
أسباب أموميّة: لصحّة الأم تأثير كبير على صحّة الجنين - والمشاكل الصحيّة التي تعاني منها الأم، مثل فرط ضغط الدم المزمن، فرط الخثوريّة، السكرّي المستمرّ الذي لا يتمّ علاجه، أمراض النسيج الضام (مثل الذئبة الحماميّة الشاملة)، فقر الدم، القصور الدرقي (اضطرابات في الغدّة الدرقيّة) الذي لا يتمّ علاجه، أمراض الكلى المزمنة وغيرها. كلّ هذه المشاكل قد تكون أحيانًا مسبّبات لاضطرابات نموّ الجنين.
وزن الأم قبل الجمل وخلال الحمل: الوزن الخفيف جدًا أو الوزن الثقيل جدًا قبل الحمل و/أو عدم الارتفاع بالوزن خلال الحمل.
بيئة خارجيّة باثولوجية: بالأخصّ الحياة في مناطق عالية جدًا.
أيّ نساء معرّضات للخطورة؟
كما ذكر، النساء اللواتي يعانينَ من مرض مزمن و/أو اللواتي يكون وزنهنّ خفيفًا قبل الحمل (أقلّ من 19 BMI) - أو ثقيلًا جدًا قبل الحمل. بالإضافة، تشمل هذه المجموعة النساء اللواتي أنجبنَ في السابق جنينًا صغيرًا؛ بالإضافة إلى النساء اللواتي توجد في عائلاتهنّ ظاهرة مشابهة.
كيف يتمّ تشخيص التأخّر في نموّ الجنين؟
خلال الحمل، تتمّ متابعة وتيرة نموّ الجنين طيلة الوقت، بالأساس من خلال فحوصات أمواج فوق صوتيّة (أولتراساوند). في فحص مسح أعضاء الجنين المتأخّر، يتمّ اختبار مدى ملاءمة الجنين لجيل الحمل - وإذا كانت في هذه المرحلة فجوة بين حجم الجنين وجيل الحمل، يتمّ التحقّق مرّة أخرى من جيل الحمل بشكل أدقّ؛ وإذا اتّضح أنّ الفجوة ما زالت قائمة، يتمّ فحص سبب التأخّر في النموّ، إذ يشمل كلّ المذكور أعلاه. إذا تبيّن في فحوصات مسح اعضاء الجنين أنّ حجم الجنين ملائم لجيل الحمل، يتمّ إجراء فحص مجدّد في الأسبوع 32-24 من الحمل - وعندها يتمّ إجراء تقدير واحد أو تقديرين لوزن الجنين ووتيرة نموّه.
هل يمكن منع تأخّر نموّ الجنين داخل الرحم؟
اوّلًا، يجب الحرص على تلقّي التطعيمات لمنع التأخّر في نموّ الجنين بسبب التلوّثات مثل الحصبة الألمانية.
النساء اللواتي كانت لهنّ تجربة سابقة في تأخّر نموّ الجنين بسبب مشكلة في المشيمة - يجب أن يجرينَ فحوصات للاضطرابات المختلفة مثل فرط ضغط الدم، فرط الخثوريّة وما إلى ذلك.
النساء اللواتي يعانينَ من أمراض مزمنة يجب أن يعالجنَ هذه الأمراض كي لا تسبّب مضاعفات؛ كما ويجب على النساء اللواتي وزنهنّ قبل الحمل خفيف جدًا أو ثقيل جدًا أن يتوجّهن لاستشارة غذائيّة قبل الحمل من أجل بدء الحمل بالوزن الملائم.
هل يمكن علاج المشكلة؟
حتى اليوم، لم يتوفّر علاج فعلي لهذه المشكلة؛ وذلك بسبب عدم القدرة على تحديد ما يحدث داخل الرحم - وفي أغلب الأحيان، يتمّ اكتشاف التأخّر في النموّ ف مرحلة لا نملك فيها القدرة على توفير علاج داخل الرحم.
ماذا يجب أن نفعل عند اكتشاف تأخّر في نموّ الجنين؟
عندما يتمّ اكتشاف تأخّر في نموّ الجنين، يتمّ تحويل المرأة إلى العلاج والمتابعة في مراكز الحمل عالي الخطورة - إذ يتمّ هناك إجراء متابعة بشكل متواتر لنموّ الجنين، كميّة السائل السلوي وتدفّق الدم في شرايين الرحم والجنين. بالإضافة، يتمّ إجراء فحوصات تشمل فحصًا لوجود اضطراب في المشيمة، تلوّثات أو أمراض مزمنة أموميّة، وفي بعض الأحيان يتمّ تلقّي استشارة وراثيّة وإجراء فحص للسائل السلوي من أجل الحصول على الصفات الكروموزوميّة (كريوتيب) لدى الجنين؛ إذا استمرّ الجنين في النموّ وفقًا لوتيرته الاعتياديّة وكانت كلّ الفحوصات سليمة، ندع المرأة تبلغ موعد ولادتها الطبيعي.
إذا كانت هناك اضطرابات أخرى، تغييرات في مراقبة قلب الجنين (مونيتور)، توقّف مطلق في نموّ الجنين، اضطرابات في تدفّق الدم لدى الجنين أو لدى الأم كما يتّضح في فحوصات الدوبلر - يتمّ استشفاء الأم ويتمّ اتّخاذ القرار بشكل فردي بشأن توليدها، إذ يتمّ بشكل عام، قبل الأسبوع 34 من الحمل، تقديم علاج لإنضاج الرئتين - ويتمّ اتّخاذ القرار فيما إذا كانت ستتمّ ولادة الطفل من أجل تفادي الحالات المرضيّة الشديدة أو وفاة الجنين داخل الرحم.
لتفادي تكرار الأجنّة الصغار في الحمل القادم، من المهمّ فحص المشيمة بعد الولادة ويجب تلقّي استشارة من أخصّائيّين في مجال الحمل عالي المخاطر. كما ومن المحتمل ان تكون هناك حاجة لتلقّي استشارة وراثيّة وإجراء فحوصات للأهل.
بروفسور عوفر إيرز هو مدير بديل لقسم الوالدات د، جناح الولادة وطبّ النساء في المركز الطبي سوروكا في بئر السبع.
ساعدت في إعداد المقالة: يعاريت طرابلسي، مراسلة zap doctors.