جرثومة منينغوكوك: قد تكون مميتة

هذا المقال تمت الموافقه عليه من قبل الطاقم المهني

يصاب جزء من الأشخاص بجرثومة المنينغوكوك لكن لا تظهر لديهم أعراض حالة مرضيّة. في جزء بسيط من الحالات، قد تصبح الجرثومة عنيفة وقد تؤدّي إلى الإصابة بمرض يحتاج إلى تلقّي العلاج بأسرع وقت.

جرثومة منينغوكوك: قد تكون مميتة

تتواجد جرثومة منينغوكوك لدى البعض منّا في الحنجرة، لكنّها في أغلب الأحيان لا تسبّب حالات مرضيّة ما. مع ذلك، في الحالات التي تسبّب فيها جرثومة منينغوكوك حالات مرضيّة - قد تؤدّي إلى مجموعة من الأمراض، بل وقد تصبح جرثومة عنيفة تؤدّي إلى تلوّث شديد يخترق الاغشية التي تحيط الدماغ ويؤدّي إلى التهاب في أغشية الدماغ (التهاب السحايا) و/أو  تلوّث يخترق جهاز الدم وينتشر بسرعة (انتان الدَّمِ بالمُكَوَّرات السِّحائيَّة) ويؤدّي إلى تعفّن الدم ويلحق ضررًا كبيرًا لأجهزة الجسم المختلفة.

المرض غير شائع - لكنّ الحالة المرضيّة قد تكون شديدة؛ بدون تلقّي العلاج بسرعة، يتوفّى المصابون بالمرض أو يصابون بإعاقة شديدة. عمليًا، جرثومة منينغوكوك هي المسبّب الأكثر شيوعًا لالتهاب أغشية الدماغ لدى الأطفال والبالغين الصغار في الولايات المتّحدة. لدى البالغين، هذا هو السبب الثاني من حيث الانتشار لالتهاب أغشية الدماغ (السبب الأكثر شيوعًا هو جرثومة بناموكوك).

أيّ أنواع من جرثومة منينغوكوك معروفة اليوم؟

تمّ تشخيص جرثومة منينغوكوك لأوّل مرّة عام 1805، بعد انتشار التهاب أغشية الدماغ في جنيف (سويسرا). يدور الحديث عن جرثومة مستديرة الشكل لذلك اسمها كوك (باللاتينيّة: Coccus = مستدير)

تنقسم جراثيم منينغوكوك إلى أنواع فرعيّة (أنماط مصليّة مختلفة). ثمانية منها معروفة على أنّها المسبّبات للتلوّث لدى الإنسان (A, B, C, X,Y , Z, W135, وَ L). هناك أنواع فرعيّة منتشرة في أماكن مختلفة حول العالم؛ في إسرائيل، معظم الحالات المرضيّة سببها النوع B.

تتوفّر اليوم عدّة تطعيمات ضدّ المرض. تصوير: شاترستوك

ما هي نسبة انتشار الحالات المرضيّة لجرثومة منينغوكوك؟

%10-5 من البالغين يحملون جرثومة منينغوكوك، بينما نسبة حمل الجرثومة في الحنجرة لدى الأولاد تصل إلى %20 تقريبًا، لكنّ نسبة الحالات المرضيّة الأعلى هي لدى الأطفال دون سنّ 4 سنوات. بالإضافة، نسبة الحالات المرضيّة أعلى لدى الشبيبة بسنّ 16 حتى 32، ولدى البالغين فوق سنّ 65.

نسبة الحالات المرضيّة في البلاد هي 10 حتى 15 حالة مرضيّة تقريبًا في السنة. في ثلثيّ هذه الحالات يظهر التهاب في أغشية الدماغ، وفيما تبقّى من الحلات يظهر تعفّن دم. لدى الأولاد، عدد الحالات المرضيّة هو 2 من بين كلّ 100,000.

كيف تنتقل جرثومة منينغوكوك؟

في غالبيّة الحالات، جرثومة منينغوكوك تتواجد في حنجرة الأشخاص المعافين - وهي لا تسبّب أمراضًا أو أعراضًا. الاحتكاك بالأشخاص الآخرين عن قرب (من خلال قبلة؛ أو التواجد في غرفة مغلقة مع أشخاص آخرين، في الصفّ أو في إطار الخدمة العسكريّة مثلًا) - يمكّن الجرثومة من الانتقال عن طريق جهاز التنفّس من شخص إلى آخر وذلك من خلال إفرازات جهاز التنفّس. كما ذكر أعلاه، فقط لدى جزء من الأطفال أو البالغين - الذين انتقلت إليهم الجرثومة - سيظهر المرض.

من هم المعرّضون لخطورة الإصابة بمرض جراء التعرّض لجرثومة منينغوكوك؟

الأشخاص الذين يعانون من الأمراض المزمنة التالية معرّضون لخطورة كبيرة للإصابة بمرض جراء التعرّض لجرثومة منينغوكوك:

مرضى مع نواقص في الجهاز المرتبط بتخثّر الدم ونشاط جهاز المناعة (الجهاز المتمّم).
 
الأشخاص الذين تلقّوا علاجًا بالدواء البيولوجي Eculizumab لعلاج متلازمة انحلال الدم اليوريميّة (Hemolytic uremic syndrome) الذي تنعكس بالفشل الكلوي وحالات النزيف؛ ولعلاج مرض البيلة الهيموغلوبينية الليلية الانتيابية (Paroxysmal nocturnal hemoglobinuria) الذي ينعكس في تدمير كريات الدم الحمراء وبفقر الدم.

أشخاص بدون طحال أو مع طحال لا يؤدّي وظيفته.

مرضى الإيدز.

الرجال الذين يقيمون علاقات جنسيّة مع رجال.

من يسافرون إلى أماكن فيها نسبة انتشار المرض عالية، مثل دول أفريقيا.

ما هي مراحل المرض وما هي أعراضه؟

يظهر المرض بشكل فجائي ويصعب تشخيصه لأنّ أعراضه الأولى ليست محدّدة: ارتفاع درجة الحرارة، غثيان وتقيّؤات، صداع، صعوبات في التركيز، آلام في العضلات؛ ولدى بعض المرضى - طفح جلدي أيضًا.

عندما تظهر أعراض تميّز المرض أكثر، نتيجة تضرّر أغشية الدماغ - تكون الحالة قد تفاقمت، وفي بعض الأحيان قد لا يكون العلاج ناجعًا. هناك أعراض أخرى قد تميّز المرض أكثر، ومنها: تخشّب مؤخّرة العنق وآلام في مؤخّرة العنق، انخفاض في حالة الوعي ونزيف في الجلد.

تجدر الإشارة إلى أنّ حالة الوعي تصاب بضرر لدى ثلث من المرضى.  

قد تتدهور حالة المرضى بسرعة إلى درجة الإصابة المتعدّدة الأجهزة - مصحوبة بنزيف في الجلد، انخفاض فجائي في ضغط الدم وحالة من الصدمة الإنتانيّة (Septic shock). هذه الأعراض قد تتفاقم وتتطوّر إلى حالة غرغرينا وفقدان الأعضاء. %15-10 من الحالات تقريبًا تنتهي بوفاة.

في الحالات التي يظهر فيها انتان الدَّمِ بالمُكَوَّرات السِّحائيَّة (تعفّن الدم الناجم عن جرثومة منينغوكوك، بدون التهاب في أغشية الدماغ) - يعاني المريض من الأعراض الجهازيّة للمرض، مثل: ارتفاع في درجة الحرارة، انخفاض في ضغط الدم، آلام في العضلات، طفح جلدي ونزيف في الجلد؛ مع ذلك، لن تظهر أعراض الالتهاب في أغشية الدماغ (آلام في مؤخّرة العنق، تخشّب وانخفاض في مستوى الوعي).

في %70 من الحالات المرضيّة، يعاني الأطفال من التهاب في أغشية الدماغ مع أو بدون انتان الدَّمِ بالمُكَوَّرات السِّحائيَّة (جراثيم في الدم)؛ في %27 فقط من الحالات، سيحدث انتان الدَّمِ بالمُكَوَّرات السِّحائيَّة بدون اعراض لتضرّر الدماغ.

ما هي مضاعفات المرض على المدى البعيد؟

المضاعفات على المدى البعيد شديدة، وهي تشمل: إعاقة، صممًا ونواقص عصبيّة. بسبب الضرر المتسبّب وعدم تزويد الأنسجة بالدم، في بعض الحالات قد تكون هناك حاجة لبتر الاطراف بسبب ظهور غرغرينا.
 
ما هي نسب الوفاة؟
 
نسبة الوفاة مع تلقّي علاج بالمضادات الحيويّة هي %20-15؛ بدون علاج بالمضادات الحيويّة، نسبة الوفاة أعلى بكثير.

ماذا يشمل علاج المريض الذي أصيب بجرثومة منينغوكوك؟

هناك حاجة لتلقّي علاج ملائم وسريع بالمضادات الحيويّة. بشكل عام، الجرثومة حساسة للعلاج، فالمشكلة ليست مقاومة الجرثومة للمصادات الحيويّة بل مدى عنف الجرثومة. بالإضافة إلى المضادات الحيويّة، يجب تلقّي علاج داعم من خلال الاستشفاء بشكل عام في المستشفى.

ماذا يشمل علاج من يحتكّ بالمريض؟

هناك تعريفات معيّنة بما يتعلّق بالسؤال - لأيّ أشخاص احتكّوا بالمريض يجب تقديم علاج وقائيّ. هذه التعريفات تعتمد على المدّة الزمنيّة التي يتواجد فيها الشخص مع المريض. بشكل عام، يقدَّم العلاج الوقائي للأشخاص الذين تواجدوا لأكثر من 8 ساعات مع المريض وعلى بعد أقلّ من متر منه؛ أو الأشخاص الذين احتكّوا بشكل مباشر مع إفرازات جهاز التنفّس للمريض، في الأسبوع ما قبل ظهور الأعراض - وحتى 24 ساعة، بعد البدء بتلقّي العلاج بالمضادات الحيويّة. في غالبيّة الحالات، الأشخاص الذين يستوفون هذه المعايير هم أبناء العائلة الذي يسكنون في نفس البيت مع المريض؛ الأشخاص الين يتقاسمون الغرفة مع المريض (في مساكن الطلبة أو في الغرف المشتركة في الخدمة العسكريّة)؛ الأشخاص الذين احتكّوا بشكل حميم مع المريض (مثلًا: الأزواج والزوجات، من يهتمّ بطفل مريض، الأشخاص الذين جلسوا بجانب/مقابل شخص مريض - في رحلة جويّة طويلة لمدّة أكثر من 8 ساعات، الطاقم الطبي الذي أنعش المريض أو عمل على إحيائه). ليس هناك مبرّر لتقديم علاج وقائي للأشخاص الذين احتكّوا لوقت قصير مع المريض.

هناك حاجة لتلقّي علاج ملائم وسريع بالمضادات الحيويّة. تصوير: شاترستوك

ما هي العلامات التي تحذر الأهل بنقل الطفل للمستشفى؟

تدهور سريع في حالة الطفل.
فتور - طفل لا يستجيب ويبدو غير مبالٍ للبيئة المحيطة به.
طفح جلدي مع نزيف.
درجة حرارة عالية جدًا.
صداع.
تخشّب في خلفيّة العنق.

هل هناك تطعيم ناجع ضدّ جرثومة منينغوكوك؟ متى يجب تلقّي التطعيم؟

تتوفّر اليوم عدّة تطعيمات ضدّ المرض: Menactra, Menero, Nimenrix. هذه التطعيمات متوفّرة في البلاد وتقدَّم أيضًا للجنود لتجنّب المرض.

في الآونة الأخيرة، تمّ تطوير تطعيمات ضدّ النوع B وَ Trumenba Bexsero. هذه التطعيمات جديدة وما زالت غير متوفّرة في البلاد، لكن من المتوقّع أن تتوفّر لاحقًا خلال السنة.

بسبب كون المرض نادرًا وعدم توفّر تطعيم ناجع في الفترة الأخيرة ضدّ النوع B الشائع في البلاد، فإنّ التطعيم ضدّ جرثومة منينغوكوك ليس مشمولًا ضمن التطعيمات الروتينيّة للأطفال في البلاد. في هذه الأيّام، يجري نقاش حول الموضوع في وزارة الصحّة فيما إذا كان من المجدي توسيع الدلائل لجرثومة منينغوكوك من نوع B في البلاد.

في الوقت الحالي، من يُنصَح بتطعيمهم بالتطعيمات المتوفّرة؟

المعرّضون لخطورة كبيرة للإصابة بالمرض: المصابون بأمراض مزمنة؛ الأطفال الذين ولدوا بدون طحال، المرضى بعد استئصال الطحال أو المرضى الذين لا يؤدّي لديهم الطحال وظيفته؛ أشخاص يعانون من خلل مناعي؛ من يسافرون إلى دول فيها نسبة الحالات المرضيّة عالية؛ العاملون في مختبرات علم الأحياء المجهريّ، المعرّضين للاحتكاك بالجرثومة. كما ويقدَّم التطعيم أيضًا لمن يتجنّدون للخدمة العسكريّة.

لا يجوز تقديم التطعيم للأشخاص الذين لديهم حساسية مفرطة لمركّبات التطعيم، إذا كانت لديهم ردود فعل شديدة للوجبة السابقة، وللمرضى الذين كانوا يعانون في السابق من متلازمة غيان باريه (المعروفة أيضًا باسم متلازمة غيلان باريه) التي تنعكس بالضعف، التنمّل أو الآلام الاعتلاليّة العصبيذة في أطراف الجسم. يمكن أيضًا تقديم التطعيم أثناء الحمل أو الإرضاع.

ما هي الأعراض الجانبيّة للتطعيم؟

التطعيم يعتبَر تطعيمًا آمنًا. قد تظهر أعراض جانبيّة، مثل: حرارة وآلام موضعيّة في موضع الحقن، حراة جهازيّة، آلام في العضلات وقشعريرة، إسهال.

ملخّص: في غالبيّة الحالات، جرثومة منينغوكوك لا تسبّب حالات مرضيّة. مع ذلك، عندما يظهر المرض - قد يكون عنيفًا ويسبّب مضاعفات شديدة والوفاة أيضًا. اكتشاف المرض بشكل سريع وتلقّي علاج سريع بالمضادات الحيويّة - ضروريّان لإنقاذ المريض. في إسرائيل، المسبّب الرئيسي للحالات المرضيّة هو نوع B. في هذه المرحلة، من المفضّل تطعيم الأشخاص المعرّضين لخطورة الإصابة بالمرض. في الآونة الأخيرة، تمّ تطوير تطعيم جديد أكثر نجاعة للنوع B. عمّا قريب، ستتّخذ وزارة الصحة قرارًا فيما إذا سيتمّ اشتمال هذا التطعيم ضمن التطعيمات الروتينيّة.

د. ياسمين مؤور أخصّائيّة في الأمراض المعدية، مديرة وحدة الأمراض المعدية ومنع التلوّثات في المركز الطبي "وولفسون" في حولون.

ساعدت في إعداد المقالة: شيرلي شاني، مراسلة Zap Doctors.

 

24/11/2019