هوس نتف الشعر: نتف الشعر القسري

عبء الحياة يثقِل عليكم؟ تنتفون شعركم بشكل قسري؟ يدور الحديث عن نوع ثانوي من الـ OCD (الاضطراب الوسواسي القهري) الأخبار السارّة: علاج مدمج - أدوية وعلاج نفسي - يساعد كثيرًا

هوس نتف الشعر (Trichotillomania - hair pulling)، هو اضطراب من نوع الاضطرابات الوسواسيّة، وينعكس في نتف الشعر من مناطق مختلفة في الجسم بشكل قسري. قد يبلغ الأمر لدى بعض من يعانون من هوس نتف الشعر حدّ نتف الشعر بشكل يومي، وبنوبات قد تستمرّ عدّة ساعات؛ وقد يظهر الاضطراب لدى البعض الآخر خلال فترة قصيرة من الحياة.

ما هي مميّزات هوس نتف الشعر؟ هل هناك أنماط مختلفة لنتف الشعر القسري؟

قد تتغيّر أنماط نتف الشعر خلال الحياة، وقد تتغيّر المناطق التي يُنتَف منها الشعر أيضًا. بشكل عام، الأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب ينتفون الشعر من الحواجب، الرموش، فروة الرأس، تحت الإبط و/أو منطقة الأعضاء التناسليّة.

لنتف الشعر بشكل دائم ومكثّف تأثيرات جماليّة وطبيّة: نتف الشعر من فروة الرأس، تحت الإبط ومنطقة الأعضاء التناسليّة - قد يلحِق أضرارًا بالجلد، وقد يؤدّي إلى إصابات، التهابات وندبات. في بعض الحالات، قد تتضرّر آليّة نموّ الشعر إلى حدّ لا يمكن علاجه.

نتف الشعر القسري من الحواجب والرموش مثلًا - يؤدّي إلى حدوث أضرار تجميليّة كبيرة، إذ يصبح الرجل أو المرأة بدون حواجب أو رموش، ويعانون من الصلح في منطقة الحواجب.

بعض من يعانون من هوس نتف الشعر، قد يعانون أيضًا من الأكل القهري للشعر (Trichophagy). وهو اضطراب ينعكس في إدخال الشعر إلى الفم ومضغه من بعد النتف. ابتلاع الشعر على مدار سنوات قد يؤدّي إلى تراكم كرة من الشعر في الجهاز الهضمي، ممّا يسبّب التقيّؤات أو حتى انسداد الأمعاء.

ما هي نسبة انتشار هوس نتف الشعر؟

نسبة انتشار هوس نتف الشعر تقدَّر بـ %1 حتى %2 من الأشخاص. الظاهرة أكثر انتشارًا لدى النساء؛ بحسب الإحصائيّات، مقابل كلّ 10 نساء يعانين من هوس نتف الشعر، يوجد رجل واحد يعاني من هذا الاضطراب.

لماذا يعتبَر هوس نتف الشعر نوعًا ثانويًا للاضطراب الوسواسي القهري؟

هوس نتف الشعر ينتمي إلى فئة ثانويّة من الاضطراب الوسواسيّة القهريّة (OCD). في دليل التشخيصات النفسي الصادر عن اتّحاد الطبّ النفسي الأمريكي (DSM، الطبعة 5، التي صدرت مؤخّرًا)، تمّ تصنيف هوس نتف الشعر ضمن فئة تشمل الاضطرابات المرتبطة لعدم التحكّم بالرغبات الملحّة. في هذه الحالة، يدور الحديث عن رغبة ملحّة فسريّة لنتف الشعر م الجسم.

هذه الفئة تشمل اضطرابات أخرى أيضًا، مثل:
Excoriation - حكّ وتقشير الجلد بشكل وسواسي؛ وبالتالي إلحاق ضرر بالجلد.
قضم الأظافر الوسواسي.
Body Dysmorphic Disorder - اضطراب ينعكس في شعور الإنسان بأنّ في جسمه عيوبًا كثيرة، أو عضوًا/أعضاء ليس بمقدوره تحمّلها. الكثيرون ممّن يعانون من هذا الاضطراب يخضعون لجراحات تجميليّة غير لازمة لتصليح "العيوب" التي يلاحظون، هم فقط، وجودها.
حسد وسواسي وشكوك غير منقطعة بأنّ الزوج/ة خائن.
الاكتناز القهري.

ما المشترك لكلّ هذه الاضطرابات؟

الميزة المشترك لكلّ هذه الاضطرابات هو أنّ التفكير الوسواسي يسبّب الخوف - والفِعل القسري المتكرّر (القهر) يقلّل من هذا الخوف.

يكون هوس نتف الشعر مصحوبًا أيضًا بشعور بالتوتّر قبل نتف الشعر - ويشعر الشخص بالارتياح بعد النتف. لدى العديد ممّن يعانون من الاضطراب، نتف الشعر هو وسيلة لمواجهة المشاعر السلبيّة - التوتّر، الخوف، المعاناة أو الوِحدة؛ نتف الشعر يؤدّي إلى مشاعر إيجابيّة، والتي تنجم عن الشعور بالهدوء وتقليل الخوف بشكل مؤقّت فقط. بعد أن يرى الشخص نتائج إصابة الجلد والصلع - ممّا يؤدّي إلى مشاكل اجتماعيّة وتجنّب الذهاب إلى المدرسة، إلى مكان العمل وممارسة العلاقات الزوجيّة وما إلى ذلك - يرتفع مستوى الخوف مرّة أخرى، فهذه دائرة تغذّي نفسها بنفسها.

قد يظهر هوس نتف الشعر في كلّ جيل - وقد يتفاقم على مرّ السنين وقد يأخذ شكلًا آخر. بالإضافة، قد تظهر اضطرابات نفسيّة أخرى أيضًا.

في الحالات التي يظهر فيها هوس نتف الشعر منذ الصغر، يعتاد الطفل على أنّ هذه العمليّة تقلّل من التوتّر - ومع مرّ السنوات، كشخص بالغ، سيقوم سيقوم بنتف شعره دون أن يعي ذلك.

ما هي العوامل التي تؤثّر على ظهور هوس نتف الشعر؟

سوابق عائليّة لاضطرابات OCD بأشكالها المختلفة، لدى أحد أفراد العائلة القريبة.
عامل بيولوجي مرتبط بنقص السيروتونين في مناطق معيّنة في الدماغ.
حالات الضغط والخوف تزيد من الاضطراب.
فترة ما بعد الولادة، والتي تتميّز لدى بعض النساء باضطرابات في المزاج وإلى الإنهاك، قد تؤدّي أيضًا إلى ظهور هوس نتف الشعر.
الاضطرابات في المزاج (مثل الاكتئاب) هي عامل خطورة أيضًا.

ما هي المعايير لتشخيص ما إذا كان المتعالِج يعاني من هوس نتف الشعر؟

نتف الشعر وتكوّن الصلع.
يحاول الإنسان وقف هذا النمط السلوكي ولا ينجح بذلك.
نتف الشعر يسبّب الضغط النفسي (توتّر) والانزعاج أو يؤدّي إلى اضطرابات أدائيّة من الناحية الاجتماعيّة والمهنيّة.
فقدان الشعر غير مرتبط بمرض جلدي معيّن.
نتف الشعر غير قابل للتفسير من خلال مرض آخر أو من منطلق الرغبة بتغيير المظهر الخارجي.
عندما يشعر الإنسان أنّه فقط السيطرة على عمليّة نتف الشعر، فإنّه بشعر بالحرج - ويتجنّب المخالطة الاجتماعيّة.

ما هو العلاج لهوس نتف الشعر؟

الأشخاص الذين يعانون من هوس نتف الشعر يتوجّهون لتلقّي العلاج بشكل عام بعد أن يضرّ هذا الاضطراب بمظهرهم الخارجي و/أو يمنعهم من التفاعل والمخالطة الاجتماعيّة.

بما أنّ الحديث يدور عن اضطراب من فئة OCD - وهو مرتبط بشكل عام بانخفاض مستوى السيروتونين، العلاج الأنسب هو العلاج الدوائي لغرض إكمال النقص في السيروتونين، وذلك من خلال جرعة عالية من جزء من الأدوية التي تنتمي لعائلة SSRI.

بعد أن يخفّ الاضطراب، يتمّ دمج العلاج النفسي إلى جانب العلاج الدوائي، وذلك من خلال العلاج المعرفي السلوكي (CBT). في إطار هذا العلاج، يتعرّض المتعالِج إلى نفس المشاعر التي يحاول التخلّص منها من خلال عمليّة نتف الشعر. عندما يعي المتعالِج الشعور المسبّب للخوف، تقلّ حدّة الخوف - وبعد أن يتعلّم المتعالِج كيف يكتشف المشاعر التي تؤدّي إلى الخوف، يتعلّم كيف يخفّف من هذا الخوف بطرق بديلة. مع مرور الوقت، يمكن تقليل جرعة الأدوية.

ملخّص: عندما يتوجّه شخص يعاني من هوس نتف الشعر لتلقّي العلاج، يتّضح بشكل عام أنّ هناك فرد من أفراد العائلة يعاني من اضطراب وسواسي قهري معيّن (OCD). الأخبار السارّة أنّ العلاج المدمج - الدوائي والمعرفي-السلوكي - يساعد كثيرًا على التقليل من حدّة الخوف والسلوك القسري المتّبع، من أجل الوصول إلى مرحلة الراحة.

د. يعكوف حرمون هو طبيب مختصّ في الطبّ النفسي، مدير المركز الطبّي في ريشون لتسيون للتشخيصات والعلاجات النفسيّة.

 Zap Doctors.