الخرف

الخرف

الخرف Dementia ليس مرضاً محدداً، وإنما هو مجموعة أعراض تؤثر على القدرات العقلية الخاصة بالإنسان مما يؤدي إلى اضطراب وظائف الذاكرة والتفكير والقدرات الاجتماعية للشخص. هذه الاضطرابات تؤثر بشكل سلبي على قيامه بنشاطاته اليومية مثل ارتداء الملابس وتناول الطعام.

الأشخاص الذين يعانون من الخرف لديهم مشاكل واضحة في اثنين أو أكثر من وظائف الدماغ، مثل الذاكرة واللغة، وقد يفقد الأشخاص المصابون بالخرف قدرتهم على حل المشاكل أو التحكم بعواطفهم، وقد يحدث تغير في الجوانب المميزة لشخصياتهم.

ضعف الذاكرة هو عرض شائع للخرف، ولكن له أسباب مختلفة، لذلك ضعف الذاكرة وحده لا يعني أنك تعاني من الإصابة بالخرف.

توجد أمراض مختلفة يمكن أن تسبب الخرف، بما في ذلك مرض الزهايمر والسكتة الدماغية. في المقابل لا يوجد علاج شافٍ للخرف وإنما من خلال علاج المرض المسبب يمكننا تخفيف الأعراض وإبطاء تطور الخرف.

على الرغم من أن الخرف شائع عند كبار السن، لكنه ليس جزءاً من الشيخوخة الطبيعية.

تحدث الإصابة بالخرف بسبب ضرر أو تغيرات في الدماغ. ويعتبر مرض الزهايمر السبب الأكثر شيوعاً للإصابة بالخرف، يليها السكتة الدماغية، ويسمى الخرف الناجم عن السكتة الدماغية بالخرف الوعائي.

يمكن علاج بعض أسباب الخرف، ولكن للأسف معظمها لا يمكن علاجه.

الأسباب الشائعة للخرف التي لا يمكن علاجها

وهي تتمثل في:

  • مرض الزهايمر (Alzheimer's disease).
  • الخرف الوعائي (Vascular dementia): الذي يمكن أن يحدث عند الأشخاص المصابين بالسكتة الدماغية أو ارتفاع ضغط الدم منذ مدة طويلة أو تصلب الشرايين العصيدي.
  • مرض الشلل الرعاش (باركنسون Parkinson's disease): الإصابة بالخرف أمر شائع لدى الأشخاص الذين يعانون من هذا المرض.
  • الخرف المصاحب لأجسام ليوي (Lewy bodies): أجسام ليوي هي كتل مجهرية من البروتينات الشاذة التي تتراكم في خلايا الدماغ بشكل يؤثر على بعض وظائفه، الأمر الذي يمكن أن يسبب فقدان الذاكرة قصيرة الأمد.
  • الخرف الجبهي الصدغي (Frontotemporal dementia): تسببه مجموعة من الأمراض التي تشمل داء بيك (Pick's disease).
  • إصابات الرأس الشديدة: التي تسبب فقدان الوعي.

الأسباب الأقل شيوعاً للخرف والتي لا يمكن علاجها

وتشمل:

  • داء هنتنغتون (Huntington's disease).
  •  اعتلال المادة البيضاء في الدماغ (Leukoencephalopathies).
  •  داء كروتزفِيلد-جاكوب (Creutzfeldt-Jakob disease): وهو مرض نادر ومميت يتلف أنسجة الدماغ.
  •  إصابات الدماغ بسبب الحوادث أو الملاكمة.
  •  بعض حالات التصلب المتعدد multiple sclerosis (MS) أو التصلب الجانبي الضموري amyotrophic lateral sclerosis (ALS).
  •  الضمور الجهازي المتعدد: وهو مجموعة من أمراض الدماغ التنكسية (degenerative brain diseases) التي تؤثر على الكلام، والحركة، والوظائف اللاإرادية.
  •  العدوى: مثل المرحلة المتأخرة من مرض الزهري (السفلس syphilis)، إذ يمكن للمضادات الحيوية علاج مرض الزهري بشكل فعال في أي مرحلة من مراحل المرض، ولكن لا يمكنها إصلاح الضرر في الدماغ التي حصلت.

أسباب الخرف التي يمكن علاجها

قد يحدث الخرف نتيجة أسباب قابلة للعلاج، وعلاج هذه الأسباب قد يساعد أيضاً على شفاء الخرف. وتشمل هذه الأسباب ما يلي:

  • قصور الغدة الدرقية (hypothyroidism).
  • نقص فيتامين (B12).
  • التسمم بالمعادن الثقيلة، مثل الرصاص.
  • الآثار الجانبية الناتجة عن تناول بعض الأدوية أو التداخلات الدوائية.
  • بعض أورام الدماغ.
  • مَوه الرّأس السَّويُّ الضَّغط (Normal-pressure hydrocephalus‎).
  • بعض حالات إدمان الكحول المزمن.
  • بعض حالات التهاب الدماغ (encephalitis).
  • مرض نقص المناعة المكتسب (الأيدز AIDS).

الفرق بين الخرف والزهايمر

كما ذكرنا سابقاً مرض الزهايمر (Alzheimer's disease) هو الشكل الأكثر شيوعاً من الخرف، وبالتالي فإن الزهايمر هو فقط أحد أشكال الخرف ومصطلح الخرف هو أكثر عمومية ولا يجوز اعتبار الحالتين بأنهما الأمر ذاته.

في الزهايمر ينقص عدد خلايا الدماغ مما يؤدي إلى انكماشه. ويتأثر جزء من الدماغ المعروف باسم القشرة الدماغية (cerebral cortex) بشكل خاص نتيجة هذا الانكماش.

وتعتبر القشرة الدماغية طبقة من المادة الرمادية التي تغطي الدماغ، وهي المسؤولة عن معالجة الأفكار والعديد من الوظائف المعقدة في الدماغ، مثل تخزين واسترجاع الذكريات والحساب والتهجئة والتخطيط والتنظيم.

سبب الإصابة بمرض الزهايمر

هناك كتل من البروتين، والمعروفة باسم "لويحات plaques" و "حُبَيكَات tangles" تتشكل تدريجياً في الدماغ، ويعتقد أن هذه اللويحات والحبيكات مسؤولة عن زيادة فقدان خلايا الدماغ.

تُفقَد خلايا الدماغ الاتصال فيما بينهما، وتقل النواقل العصبية الكيميائية (والتي تقوم بنقل الرسائل من خلية دماغية إلى أخرى). كما تؤثر اللويحات والحبيكات أيضاً على النواقل العصبية الكيميائية التي تنقل الرسائل بين خلايا الدماغ.

قد تؤدي أدوية مرض الزهايمر واستراتيجيات العلاج الحالية إلى تحسين الأعراض بشكل مؤقت، وهذا يمكن أن يساعد مرضى الزهايمر في الحفاظ على الاستقلالية لفترة أطول قليلاً. ولأنه لا يوجد علاج شافٍ لمرض الزهايمر، فمن المهم السعي للحصول على خدمات داعمة والاستفادة من العائلة والأصدقاء في وقت مبكر قدر الإمكان.

الخرف الوعائي vascular dementia

الخرف الوعائي هو النوع الثاني الأكثر شيوعاً من الخرف (بعد مرض الزهايمر). يحدث الخرف الوعائي عند انقطاع إمداد الدم إلى الدماغ.

مثل جميع الأجهزة، يحتاج الدماغ إلى إمدادات ثابتة من الأكسجين والمواد المغذية من الدم للعمل بشكل سليم. إذا نقصت هذه الامدادات أو توقفت، فإن خلايا الدماغ ستموت، مما يؤدي إلى حدوث ضرر في الدماغ.

إذا كانت الأوعية الدموية المغذية للدماغ ضيقة ومتصلبة، يمكن أن تتوقف إمدادات الدم إلى الدماغ تدريجياً. حيث تصبح الأوعية الدموية ضيقة ومتصلبة عندما تتراكم الترسبات الدهنية على جدران هذه الأوعية، مما يحد من تدفق الدم، وهذا ما يسمى بالتصلب العصيدي (atherosclerosis)، وهو أكثر شيوعاً عند الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم أو الداء السكري أو المدخنين.

التصلب العصيدي في الأوعية الدموية الصغيرة في الدماغ من شأنه أن يؤدي إلى انسدادها تدريجياً، مما يحرم تدفق الدم إلى الدماغ، وهذا ما يعرف باسم داء الأوعية الصغيرة.

وإذا انقطعت إمدادات الدم إلى الدماغ بسرعة خلال السكتة الدماغية، يمكن أن يحصل أيضاً ضرر في خلايا الدماغ.

ليس كل من أصيب بالسكتة الدماغية سيعاني من الخرف الوعائي، ومع ذلك، إذا أصبت بسكتة دماغية أو كنت مصاباً بداء الأوعية الصغيرة، فقد يكون لديك خطر متزايد للإصابة بالخرف الوعائي.

هناك عدة عوامل من شأنه أن ترفع من خطر الإصابة بالخرف، والتي تتمثل في:

  • العمر: يزيد خطر الإصابة بالخرف مع التقدم بالعمر. ففي الولايات المتحدة الأمريكية، واحد من كل تسعة أشخاص فوق سن الـ 65 مصاب بالزهايمر، أي حوالي خمسة ملايين شخص بالإجمال مصابا بالمرض (وفقاً لجمعية الزهايمر الأمريكية).
  • الوراثة: أشكال عديدة من الخرف لها أساس وراثي، وتم تحديد بعض الطفرات في جينات محددة على أنها تزيد من خطر الإصابة بالخرف.
  • التدخين: وجدت دراسة نشرت في مجلة (JAMA Neurology ) أن التدخين قد يزيد بشكل كبير من خطر التدهور الذهني والخرف.

إذا كنت من المدخنين، فلديك خطر أعلى للإصابة بالتصلب العصيدي وأنواع أخرى من أمراض الأوعية الدموية. قد تسهم هذه الأمراض في زيادة خطر الإصابة بالخرف.

  • الكحول: شرب كميات كبيرة من الكحول يزيد من خطر الإصابة بنوع من الخرف يعرف باسم متلازمة كورساكوف (Korsakoff syndrome). وأعراض هذه المتلازمة هي:
  1.  صعوبة تعلم معلومات جديدة.
  2.  فقدان الذاكرة قصيرة الأمد.
  3.  ثغرات في الذاكرة طويلة الأمد.
  • التصلب العصيدي (Atherosclerosis): يؤدي التصلب العصيدي إلى تضيق الشرايين ونقص تدفق الدم إلى الدماغ، وهذا بدوره يضعف قدرة خلايا الدماغ على العمل بشكل سليم، ويمكن أن يؤدي في نهاية المطاف إلى موت هذه الخلايا الدماغية وفقدان اتصالها مع خلايا الدماغ الأخرى.
  • ارتفاع الكوليسترول: المستويات العالية من الكولسترول الضار LDL-C يزيد من خطر الإصابة بالتصلب العصيدي، وبالتالي فقد يرتفع خطر الإصابة بالخرف الوعائي.
  • ارتفاع مستوى الهوموسيستئين (‎Homocysteine): الهوموسيستئين هو حمض أميني يتواجد بشكل طبيعي في الدم، وهو عنصر أساسي في تركيب البروتين. إن ارتفاع مستوى الهوموسيستئين هو عامل خطر لعدد من الأمراض، مثل:

- مرض الزهايمر.
- الخرف الوعائي.
- التدهور المعرفي.
- السكتة الدماغية.

  • داء السكري (Diabetes): قد تترافق الإصابة بالداء السكري مع زيادة خطر كلاً من الزهايمر والخرف الوعائي.

مرض السكري هو عامل خطر للإصابة بالتصلب العصيدي والسكتة الدماغية، وبالتالي زيادة خطر الإصابة بالخرف الوعائي.

  • ارتفاع ضغط الدم: يرتبط ارتفاع ضغط الدم بالتدهور المعرفي والسكتة الدماغية وأنواع الخرف التي تؤثر على مناطق المادة البيضاء في الدماغ.
     
  • العوامل النفسية والخبرات المعرفية: قد تكون العوامل النفسية من عامل خطر الإصابة بالخرف أيضاً.

على سبيل المثال، إذا كنت تميل إلى عزل نفسك اجتماعياً أو لا تشارك بانتظام في الأنشطة المعرفية، قد تكون في خطر متزايد للإصابة بالزهايمر.

  • متلازمة داون (Down syndrome): معظم الأشخاص الذين يعانون من متلازمة داون تظهر لديهم في منتصف العمر اللويحات والحبيكات الخاصة بمرض الزهايمر، والعديد منهم أيضاً يصابون بالخرف.
  • الخرف المبكر (Early dementia): يُعرف أيضاً بالخلل المعرفي الطفيف Mild cognitive impairment (MCI)، يمكن اعتباره كمرحلة بين النسيان الطبيعي والخرف.

معظم حالات مرض الزهايمر تبدأ بالخلل المعرفي الطفيف، ومع ذلك، إذا كنت تعاني من الخلل المعرفي الطفيف فهذا لا يعني أنك سوف تصاب بالزهايمر.

تشمل أعراض الخرف المبكر:

  1.  فقدان ذاكرة أكثر مما هو متوقع بالنسبة لعمرك.
  2.  ضعف ذاكرة كبير لدرجة يمكن ملاحظته وقياسه (كثيراً ما تفقد الأشياء أو تضعها في غير مكانها، وكثيراً ما تنسى المحادثات والمواعيد والأحداث، وتجد صعوبة في تذكر أسماء أشخاص تعرفت عليهم مؤخراً).
  3.  استمرار الاستقلالية لأن الخلل المعرفي غير كافٍ لإضعاف قدرتك علی رعاية نفسك وإجراء الأنشطة الاعتيادیة.

يتظاهر الخرف بتدهور تدريجي في التفكير والأنشطة العقلية الأخرى، مما يؤثر في نهاية المطاف في كل جوانب الحياة تقريباً.

الأعراض الأكثر شيوعاً للإصابة بالخرف هي:

  • فقدان الذاكرة المتكرر والتدريجي

يمكن أن تكون مشاكل الذاكرة عرضاً مبكراً للخرف، حيث يزداد النسيان عند الأشخاص الذين يعانون من الخرف بشكل تدريجي، وينسون الأمور الحديثة بشكل أسرع، بسبب تأثر الذاكرة قصيرة الأمد، وقد يكون الشخص قادراً على تذكر أحداث وقعت منذ سنوات، ولكن ينسى ماذا تناول في وجبة الإفطار، أو أين ترك أغراضه، أو لماذا دخل غرفة معينة، أو ينسى ما كان ينوي القيام به في يوم معين.

ومع ذلك فقد يحتفظ هؤلاء الأشخاص بذكريات كثيرة، عادةً ما تكون متعلقة بوجوه مألوفة، أو أغاني، أو طقوس.

  • صعوبة إيجاد الكلمات المناسبة

من الأعراض المبكرة أيضاً للخرف صعوبة التواصل مع الآخرين، فقد يواجه الشخص المصاب بالخرف صعوبة في شرح شيء ما أو إيجاد الكلمات المناسبة للتعبير عما يجول في خاطره. قد يكون من الصعب إجراء محادثة مع شخص مصاب بالخرف، وقد يستغرق الأمر وقتاً أطول من المعتاد.

  • تغيرات المزاج

هي من الأعراض الشائعة عند المصابين بالخرف، وإذا كنت مصاباً بالخرف، فإنه ليس من السهل أن تدرك هذه التغيرات في نفسك، ولكن قد تلاحظ هذه التغيرات في شخص آخر. الاكتئاب، على سبيل المثال، يعتبر من الأعراض النموذجية في الخرف المبكر.
بالإضافة لتغييرات المزاج، قد نرى أيضاً تغيرات في الشخصية، على سبيل المثال فقد يتحول الشخص الخجول إلى شخص غير متحفظ، وذلك لأن الإصابة بالخرف تؤثر على المحاكمة العقلية.

  • اللامبالاة والكسل:

تحدث اللامبالاة أو الكسل عادةً نتيجة الإصابة بالخرف المبكر. حيث يفقد الشخص اهتمامه بالهوايات والأنشطة، وقد يرفض الخروج من البيت أو القيام بأي شيء ممتع، وقد يفقد اهتمامه بقضاء بعض الوقت مع الأصدقاء والعائلة.

  • صعوبة إتمام المهام الاعتيادية

قد تشير صعوبة إتمام المهام الاعتيادية إلى أن الشخص لديه خرف مبكر. في البداية نلاحظ وجود صعوبة في القيام بالمهام الأكثر تعقيداً مثل العمل على دفتر الحسابات أو ممارسة الألعاب التي تتضمن قواعد كثيرة.
وبالإضافة إلى ذلك فقد يجد الشخص صعوبة في تعلم كيفية القيام بأشياء جديدة أو اتباع روتين جديد.

  • التخليط أو التشويش (Confusion)

حتى في المراحل المبكرة من الإصابة بالخرف يمكن أن يحدث تشوش لدى المريض.

عندما تتدهور الذاكرة والتفكير والمحاكمة، قد يحدث تشوش حيث لا يستطيع المرضى تذكر الوجوه أو إيجاد الكلمات المناسبة أو التفاعل مع الناس بشكل طبيعي، وقد ينسى المرضى ما هو اليوم التالي، أو يجدون صعوبة في تذكر أشخاص قابلوهم سابقاً.

  • صعوبة فهم ومتابعة تطور الأحداث

قد تحدث صعوبة في متابعة تطور الأحداث بسبب الخرف المبكر، وهذا عرض باكر اعتيادي. ينسى الأشخاص المصابون بالخرف أحياناً معاني الكلمات التي يسمعونها، ويجدون صعوبة في فهم ومتابعة المحادثات أو البرامج التلفزيونية، كما أن إيجاد الكلمات المناسبة واستخدامها يصبح أمراً صعباً بالنسبة لهم.

  • فقدان الشعور بالاتجاه

يبدأ الشعور بالاتجاه والتوجه المكاني عادة في التدهور مع بداية الإصابة بالخرف. وهذا يعني عدم التعرف على أماكن مألوفة سابقاً، ونسيان الاتجاهات التي يتبعها الشخص عادةً في تجواله.

  • التكرارية

التكرارية شائعة في الخرف بسبب فقدان الذاكرة والتغيرات السلوكية العامة، فقد يقوم الشخص بتكرار العادات اليومية، مثل الحلاقة، كما قد يكرر الأسئلة نفسها في المحادثة رغم تلقيه الإجابة عنها سابقاً.

  • صعوبة التكيف مع التغيير

بالنسبة لشخص في المراحل المبكرة من الخرف، فإن تجربة شيء جديد يمكن أن تسبب له الخوف. فجأة، لا يستطيع تذكر الناس الذين يعرفهم، وقد لا يستطيع تذكر لماذا ذهب إلى المتجر، وقد يضيع في الطريق إلى البيت.
وبسبب هذا، فقد يلتزم الشخص المصاب بالخرف بالأمور الروتينية ويخاف من خوض تجارب جديدة. صعوبة التكيف مع التغيير هي أيضاً عرض نموذجي للخرف المبكر.

قد يكون تشخيص الخرف وتحديد نوعه أمراً صعباً للغاية. ولكي نشخص الخرف يجب أن يكون لدى الشخص اثنين من الوظائف العقلية الأساسية على الأقل ضعيفة بما يكفي للتأثير في الحياة اليومية.

ونقصد بالوظائف العقلية الأساسية:

  • الذاكرة.
  • المهارات اللغوية.
  • القدرة على التركيز والانتباه.
  • القدرة على التفكير المنطقي وحل المشكلات.
  • الإدراك البصري (أي القدرة على تفسير المعلومات المرئية عن طريق حاسة البصر).

سيقوم طبيبك بمراجعة تاريخك الطبي والأعراض التي تعاني منها وإجراء فحص سريري. وعلى الأرجح سيسأل شخص قريب منك عن أعراضك أيضاً.
لا يمكن لاختبار واحد تشخيص الخرف، لذلك على الأرجح أن يطلب منك الطبيب إجراء عدد من الاختبارات التي يمكن أن تساعد في تحديد التشخيص. ومن هذه الاختبارات:

الاختبارات المعرفية والعصبية

يقوم الطبيب بتقييم مهارات التفكير والوظيفة المعرفية لديك. هناك اختبارات عديدة يمكن من خلالها تقييم مهارات التفكير كالذاكرة والتوجه والتفكير المنطقي والمحاكمة العقيلة والمهارات اللغوية والانتباه.

التقييم العصبي

يقوم الطبيب بتقييم الوظائف المتعلقة بالجهاز العصبي، كالحركة، والحواس، والتوازن، والمنعكسات، والإدراك البصري، والقدرة على حل المشكلات.

تصوير الدماغ

هناك نوعين من التصوير التي تستهدف الدماغ بهدف تشخيص الإصابة بالخرف:

  1.  التصوير المقطعي المحوسب CT أو التصوير بالرنين المغناطيسي MRI: يمكن لهذه الفحوص أن تكشف وجود سكتة دماغية أو نزيف دماغي أو ورم دماغي أو موه الرأس (استسقاء الدماغ) hydrocephalus.
  2.  التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني PET scans:  يُظهر هذا التصوير أنماط نشاط الدماغ، ويكشف وجود بروتين أميلويد amyloid protein، وهو السمة المميزة لمرض الزهايمر.

الفحوصات المخبرية

اختبارات الدم البسيطة يمكنها الكشف عن مشاكل جسدية يمكن أن تؤثر على وظيفة الدماغ، مثل نقص فيتامين (B12) أو قصور الغدة الدرقية.

أحياناً يتم فحص السائل الدماغي الشوكي CSF للتأكد من وجود عدوى أو التهاب أو كشف علامات بعض الأمراض التنكسية (degenerative diseases).

تقييم الحالة النفسية

يمكن لطبيب الأمراض النفسية تحديد ما إذا كان الاكتئاب أو حالة نفسية أخرى تساهم في حدوث الأعراض لديك.

يتمثل علاج الخرف في عدة جوانب، أهمها:

العلاج المنزلي للخرف

يعتمد العلاج المنزلي للخرف على العمل الجماعي بين مهنيي الرعاية الصحية (health professionals) وأولئك الذين يعتنون بالمريض، بهدف إيجاد بيئة آمنة ومريحة للمريض وجعل مهام الحياة اليومية سهلة قدر الإمكان.

الأشخاص في المرحلة الخفيفة من الخرف يمكن أن يُشارَكوا في التخطيط للمستقبل وتنظيم المنزل والمهام اليومية.

نصائح للمعتنين بالمريض

صورة لإمراة تعتني بمصاب بالخرف
صورة لإمراة تعتني بمصاب بالخرف

العمل مع مهنيي الرعاية الصحية من أجل:

  •  التأكد من أن منزل المريض آمن.
  •  استمرار المريض في تناول الطعام بشكل جيد.
  •  تدبير مشاكل السيطرة على المثانة والأمعاء (السيطرة على التبول والتبرز).
  •  التأكد من قدرة المريض على قيادة سيارته.

يمكن لمهنيي الرعاية الصحية أيضاً مساعدة المعتنين بالمريض على تعلم كيفية تدبير مشكلات السلوك، من خلال ما يلي:

  •  الاستفادة القصوى من القدرات المتبقية لدى المريض، وتعزيز ودعم جهود المريض للبقاء مستقلاً، حتى لو استغرق إتمام المهام لديه وقتاً أطول أو لم يتممها بشكل مثالي.
  •  مساعدة المريض على تجنب التخليط (التشويش).
  •  فهم تغيرات السلوك لدى المريض.
  •  تدبير حالة الهياج إن حصلت.
  •  تدبير مشكلة التوهان أثناء التجول.
  •  التواصل بشكل واضح مع المريض.

ويجب على المعتنين بالمريض السعي للحصول على الدعم من أفراد عائلة المريض الآخرين وأصدقائه.

وضع المريض في دار الرعاية

حتى مع أفضل رعاية، فإن المريض في المرحلة المتقدمة من الخرف ستتدهور حالته، وربما نصل إلى نقطة لا يستطيع فيها الأشخاص المعتنين بالمريض توفير الرعاية الجسدية والعاطفية والمالية للمريض.

وكثيراً ما يكون اتخاذ القرار بشأن وضع المريض في دار الرعاية أمراً صعباً للغاية، وينبغي في هذه الحالة أن تنظر كل عائلة في وضعها المالي وقدرتها العاطفية وقضايا أخرى.

أدوية الخرف

يستخدم الأطباء الأدوية لعلاج الخرف في الحالات التالية:

  •  لعلاج المشكلة التي سببت الخرف: مثل تعويض هرمونات الغدة الدرقية عند الإصابة بقصور الدرقية، وتعويض الفيتامينات عند وجود نقص في فيتامين (B12)، أو استخدام المضادات الحيوية في حال وجود عدوى.
  •  للحفاظ على أداء الوظيفة العقلية: وذلك لأطول فترة ممكنة عندما لا يمكن شفاء الخرف.
  •  لمنع المزيد من السكتات الدماغية: عند الأشخاص الذين يعانون من الخرف الناجم عن السكتة الدماغية (الخرف الوعائي).
  •  لتدبير مشكلات المزاج أو السلوك: مثل الاكتئاب، الأرق، الهلوسة والهياج.


الخيارات الدوائية

إليك الأدوية التي تساعد في الحفاظ على الوظيفة العقلية:

  •  مثبطات الكولين إستيراز (Cholinesterase inhibitors)  مثل دونيبيزيل (donepezil)، غالانتامين (galantamine)، ريفاستيغمين (rivastigmine).
  • لقد وضعت هذه الأدوية لعلاج مرض الزهايمر، ولكن يمكن أن تستخدم في علاج أنواع الخرف الأخرى، وخاصة الخرف الوعائي. ليس من الواضح كم من الوقت تستطيع هذه الأدوية العمل بشكل جيد، وتشمل الآثار الجانبية لهذه الأدوية الغثيان، والإقياء، والإسهال، وفقدان الوزن.
  •  ميمانتين (Memantine): يستخدم هذا الدواء لعلاج أعراض مرض الزهايمر، ولكن قد يساعد أيضاً في علاج الخرف الوعائي الخفيف إلى المعتدل.

الأدوية المساعدة في السيطرة على المزاج أو مشكلات السلوك:

يمكن تدبير العديد من مشكلات السلوك دون أدوية. وفي بعض الحالات، قد يصف الطبيب:

  •  الأدوية المضادة للذهان Antipsychotic drugs: مثل أولانزابين olanzapine (زيبركسا Zyprexa)، ريسبيريدون risperidone (ريسبردال Risperdal).
  •  مضادات الاكتئاب Antidepressants ، وخاصة مثبطات إعادة قبط السيروتونين الانتقائية.

أدوية لمنع السكتات الدماغية في المستقبل:

قد يصف الطبيب أدوية لعلاج ارتفاع ضغط الدم وارتفاع الكوليسترول، لأن هذه الحالات تعتبر عوامل خطر للإصابة بالخرف الوعائي. هذه الأدوية لا تشفي الخرف الموجود، لكنها قد تمنع السكتات الدماغية في المستقبل وأمراض القلب التي يمكن أن تؤدي إلى المزيد من أذية الدماغ.

علاجات أخرى للخرف

- الجنكة بيلوبا (Ginkgo biloba): يتناول كثير من الناس الجنكة بيلوبا لتحسين الذاكرة أو الحفاظ عليها، ولكن الدراسات لم تظهر أن الجنكة بيلوبا تساعد على تحسين الذاكرة أو منع الخرف.

تُجرى باستمرار بحوث للنظر في فائدة العقاقير المضادة للالتهابات غير الستيروئيدية (NSAIDS)، ومضادات الأكسدة (antioxidants) والمكملات مثل سيتيكولين (citicoline).

كن حذراً مع الأدوية، اقرأ جميع التعليمات الواردة في نشرة الدواء واتبعها.

ليست هناك طريقة مثبتة لمنع الخرف، ولكن هناك خطوات يمكن أن تساعدك في الوقاية من الخرف:

حافظ على نشاط عقلك:

قد تؤدي الأنشطة المحفزة للعقل، مثل القراءة وحل الألغاز والكلمات المتقاطعة وألعاب تقوية الذاكرة، إلى تأخير ظهور الخرف وتقليل آثاره.

ولكي تحافظ على نشاط عقلك، من المهم الالتزام بفكرة التعلم مدى الحياة. والحل هو تجديد خبراتك عن طريق التعلم والقيام بأشياء جديدة (بدلاً من تكرار الأنشطة القديمة فقط).

كن نشيطاً بدنياً:

النشاط البدني قد يؤخر بدء الخرف ويخفف من أعراضه. مارس التمارين الرياضية كالجري لمدة 150 دقيقة في الأسبوع.

أقلع عن التدخين:

أظهرت بعض الدراسات أن التدخين في منتصف العمر وما بعده قد يزيد من خطر الإصابة بالخرف وأذية الأوعية الدموية. الإقلاع عن التدخين ربما يقلل من خطورة الإصابة بالخرف وسيحسن صحتك.

احصل على ما يكفي من فيتامين (D):

تشير الأبحاث العلمية إلى أن الأشخاص الذين يعانون من مستويات منخفضة من فيتامين (D) في دمهم هم أكثر عرضة للإصابة بمرض الزهايمر وغيره من أنواع الخرف. يمكنك الحصول على فيتامين (D) من خلال بعض الأطعمة والمكملات الغذائية والتعرض لأشعة الشمس.
هناك حاجة لمزيد من البحث قبل أن يُوصى بزيادة تناول فيتامين (D) لمنع الخرف، ولكن من الجيد التأكد من حصولك على فيتامين (D ) بشكل كافٍ.

اخفض ضغط دمك:

قد يؤدي ارتفاع ضغط الدم إلى زيادة خطر الإصابة ببعض أنواع الخرف. هناك حاجة لمزيد من البحث لتحديد ما إذا كان علاج ارتفاع ضغط الدم قد يقلل من خطر الخرف.

حافظ على نظام غذائي صحي:

إن اتباع نظام غذائي صحي مثل حمية البحر المتوسط (الغنية بالفواكه والخضار والحبوب الكاملة، وكذلك بالأحماض الدهنية أوميغا 3 التي توجد عادة في بعض الأسماك والمكسرات) قد يعزز الصحة ويقلل من خطر الإصابة بالخرف.

يُنصح أيضاً بالتركيز على نظام غذائي منخفض الكوليسترول والدهون المشبعة والسكر والملح، وغني بالألياف الغذائية والفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والكربوهيدرات المعقدة والبوتاسيوم والكالسيوم والمغنيسيوم.
المكملات مثل الفيتامينات (B12، C، E، الفولات) قد تساعد أيضاً في الحفاظ على صحة الدماغ. وبطبيعة الحال، فمن الأفضل الحصول على هذه المواد الغذائية مباشرة من الطعام، إن كان ذلك ممكناً.

حافظ على نشاطك الاجتماعي:

من المحتمل أن تؤدي المشاركة النشطة مع الأسرة والأصدقاء إلى تقليل خطر الإصابة بالخرف. النشاطات الاجتماعية تقلل خطر الإصابة بالاكتئاب الذي يمكن أن ينجم عن العزلة، وهي أيضاً مفيدة للدماغ لأنها تحفز الاتصالات بين خلايا الدماغ.

وتشير البحوث إلى أن الأنشطة الاجتماعية التي تجمع بين النشاط البدني والعقلي هي الأكثر فعالية لمنع الخرف، على سبيل المثال، المشي مع صديق أثناء الحديث عن مشكلة بحاجة إلى حل هو أفضل من مجرد المشي، أو مجرد زيارة صديق، أو مجرد حل المشكلة.

تشمل الطرق الجيدة للبقاء نشطاً اجتماعياً المشاركة في عمل خيري أو أنشطة تطوعية، أو الانضمام إلى الجمعيات، أو المشاركة في رحلات جماعية منظمة.

يمكن أن يؤثر الخرف على العديد من أجهزة الجسم، وبالتالي يؤثر في قدرة الشخص على العمل.

الخرف يمكن أن يؤدي إلى:

  •  عدم كفاية التغذية: كثير من الأشخاص الذين يعانون من الخرف ينقص المدخول الغذائي الخاص بهم أو يتوقف، وفي نهاية المطاف، قد يكون الشخص غير قادر على المضغ وابتلاع المواد الغذائية.
  •  الالتهاب الرئوي: تزيد صعوبة البلع خطر الاختناق أو استنشاق الطعام إلى الرئتين، والذي يمكن أن يسبب الالتهاب الرئوي.
  •  عدم القدرة على أداء مهام الرعاية الذاتية: كلما تقدم الخرف، فإنه يمكن أن يؤثر على أداء مهام الرعاية الذاتية كالاستحمام، وخلع الملابس، وتنظيف الشعر والأسنان، واستخدام المرحاض بشكل مستقل، وأخذ الأدوية بشكل صحيح.
  •  تحديات السلامة الشخصية: بعض المهام اليومية يمكن أن تهدد سلامة الأشخاص الذين يعانون من الخرف، مثل قيادة السيارة أو الطبخ أو المشي وحيداً.
  •  فقدان القدرة على التفاعل مع الآخرين.
  •  زيادة العداوى داخل الجسم.
  •  الموت: الخرف في مرحلة متقدمة يمكن أن يؤدي إلى الغيبوبة والموت، غالباً بسبب العدوى.
25/06/2017
  • Demetia (dementia.com): Dementia Diagnosis, Symptoms of Dementia
  • Demetia.org (dementia.com): UNDERSTANDING DEMENTIA, What Is Dementia?
  • Alzheimer's Association, alz.org: What Is Dementia?
  • Alzheimer's Society: About Dementia