أمراض الأنف والجيوب الأنفيّة: التشخيص والعلاج

هذا المقال تمت الموافقه عليه من قبل الطاقم المهني

تجويف الأنف صغير، لكنّه قد يكون رغم ذلك مسبّبًا للعديد من الأمراض التي يجب علاجها - لتفادي المضاعفات وتحسين جودة الحياة دليل شامل

أمراض الأنف والجيوب الأنفيّة: التشخيص والعلاج

يمكن تقسيم الأمراض المرتبطة بتجويف الأنف إلى أمراض مرتبطة بمبنى الأنف وتضرّ بجودة التنفّس عبر الأنف، وإلى أمراض التهابيّة مرتبطة بشكل عام بالغشاء المخاطي للأنف والجيوب الأنفيّة (أمراض لها مميّزات التهابيّة؛ قد تسبّب الآلام، الضغوطات، الإفرازات وما إلى ذلك).

ما هو مبنى الأنف والجيوب الأنفيّة؟

للأنف والجيوب الأنفيّة عدّة وظائف أساسيّة: هم جزء من جهاز التنفّس، جزء من جهاز المناعة (اللقاء الأوّل مع الفيروسات والجراثيم يتمّ بشكل عام في الأنف) وجزء من الجهاز المسؤول عن حاسّة الشمّ.

الوظيفة المركزيّة لجهاز الأنف كلّه هي جعل الهواء الذي نتنفّسه يصل إلى الرئتين بدرجة حرارة ورطوبة ملائمتين - وذلك لمساعدة الرئتين على امتصاص الأوكسجين بشكل أفضل. من أجل ذلك، تجويف الفم والجيوب الأنفيّة مغطّيان بغشاء مخاطي يعمل طيلة الوقت - على الإفرازات، تصفية ونقل الهواء - وفقًا لخواصّ الهواء الداخل إلى الأنف.  تختلف الأغشية المخاطيّة في الأنف عن الغشاء المخاطي للجيوب الأنفيّة - لأنّ الجيوب الأنفيّة لا تشارك في عمليّة التنفّس، بينما الغشاء المخاطي للأنف مسؤول بالأساس عن عمليّة التنفّس وحاسّة الشمّ.

ينقسم تجويف الأنف إلى قسمين بواسطة حاجز الأنف في وسطه، وتظهر في جوانب تجويف الأنف محارات أنفيّة. الجيوب الأنفيّة عبارة عن جهاز هواء يغلّف تجويف الأنف من جميع جوانبه ويتركّز فيه. يبلغ طول تجويف الأنف نحو 9-8 سم: يبدأ بمقدّمة الأنف في الفتحات وينتهي في البلعوم الأنفي. الجزء العلوي من الأنف (قاعدة الجمجمة) يندمج مع الدماغ ويندمج من كلا الجانبين مع محجر العينين.

المحارات الأنفيّة (عظمة مغلّفة بغشاء مخاطي) هي المبنى الأكثر أهميّةً في تجويف الأنف. المحارات الأنفيّة تنزل على شكل "قطرات" من جدار الأنف الجانبي - إلى داخل تجويفه؛ عمليًا، تقوم المحارات الأنفيّة بالوظيفة المركزيّة في عمليّة التنفّس عبر الأنف: تزوّد الرطوبة، الحرارة والوقاية المناعيّة للهواء الداخل عبر الأنف إلى الرئتين. في المحارات الأنفيّة العلويّة وفي الجزء العلوي من تجويف الأنف، توجد تشعّبات عصبيّة خاصّة بحاسّة الشمّ تنزل من الدماغ - ومن خلالها تعمل حاسّة الشمّ.

الجيوب الأنفيّة هي تجويفات هوائيّة تتواجد داخل العظمة التي تحيط تجويف الأنف من جوانبه - وهي تتجمّع فيه عن طريق فتحات تصريف خاصّة.

قد يكون تجويف الأنف والجيوب الأنفيّة مسبّبات للعديد من الأمراض. تصوير: شاترستوك

ما هي المحارات الأنفيّة المتضخّمة؟ ما هو تأثيرها؟

يدور الحديث عن حالة تكون فيها المحارات الأنفيّة كبيرة أو استسقائيّة، ولذلك تسدّ الممرّات التي يمرّ عبرها الهواء في الأنف (كما الحال عند الإصابة بالتهاب الأنف الأرجي أو الالتهاب في تجويف الأنف).

بما أنّ للغشاء المخاطي دورًا مهمًا، العلاج هو تصغير المحارات الأنفيّة (إذا كانت كبيرة جدًا) مع الحفاظ على أكبر قدر ممكن من الغشاء المخاطي؛ وذلك من خلال استئصال العظمة؛ أو من خلال الكيّ الموجَّه بواسطة موجات الراديو.

اضطرابات في حاسّة الشمّ؟
      
يحمل الهواء جسيمات رائحة تنتقل إلى تجويف الأنف العلوي (سقف الأنف) خلال التنفّس والبلع. في سقف الأنف، تلتقي جسيمات الرائحة بالتشعّبات العصبيّة الخاصة بحاسّة الشمّ فتستوعبها هذه التشعّبات؛ بهذه الطريقة نشمّ. تضرّر حاسّة الشمّ ينقسم إلى نوعين: تضرّر التشعّبات العصبيّة الخاصّة بحاسّة الشمّ؛ وتضرّر عمليّة انتقال جسيمات الرائحة إلى أعصاب حاسة الشمّ.
 
تضرّر التشعّبات العصبيّة الخاصّة بحاسّة الشمّ (التشعّبات التي تنزل مباشرةً من الدماغ عبر ثقوب صغيرة في قاعدة الجمجمة إلى داخل تجويف الأنف العلوي) يعتبَر شديدًا ويتعذّر علاجه. هذا الضرر قد قد ستسبّب من صدمة، مثل ارتاج الدماغ - والذي يفصل ألياف حاسّة الشمّ؛ من أمراض تلحق أضرارًا بالدماغ وفي الأعصاب (مثل ألزهايمر). سبب الإصابة في سنّ مبكّرة غير معروف في أغلب الحالات، لكن يعتقد العلماء أنّ له علاقة بالإنفلونزا والإصابة بالبرد، ممّا يضرّ بالألياف العصبيّة الخاصّة بحاسّة الشمّ.

تضرّر انتقال جسيمات الرائحة إلى أعصاب حاسّة الشمّ قد يحدث في حالات التهاب الغشاء المخاطي (مثل الالتهاب المزمن في الجيوب الأنفيّة مع/بدون سليلات)؛ أو في حالات الإصابة بالبرد التي ترافق حالة انسداد الأنف والاحتقان - عندما لا تصل الرائحة إلى الأعلى). بالإضافة إلى الحالات التي يحدث فيها اضطراب تشريحي، مثل تضخّم المحارات الأنفيّة التي تؤدّي إلى انسداد مجرى انتقال جسيمات الرائحة إلى منطقة سقف الأنف.

طريقة علاج المشاكل في حاسّة الشمّ هي محاولة التشخيص فيما إذا كانت المشكلة متعلّقة بالأعصاب أم بعمليّة الانتقال. التشخيص يدمج ما بين استعراض تاريخ المرض كما يقصّه المريض، فحص CT لتجويفات الوجه وأحيانًا علاجًا تجريبيًا مضادًا للالتهابات، بالأدوية مثل الستيرويدات التي تخفّف من الاستسقاء. إذا كانت المشكلة تشريحيّة، يتمّ العلاج من خلال عمليّة جراحيّة لفتح الانسداد الذي يمنع انتقال جسيمات الرائحة.

ملخّص: قد يكون تجويف الأنف والجيوب الأنفيّة مسبّبات للعديد من الأمراض (التهاب الأنف الأرجي، التهاب الجيوب الأنفيّة، السليلات (بوليب)، تضخّم المحارات الأنفيّة أو مشاكل في حاسّة الشمّ). يجب تشخيص هذه الحالات جيدًا من خلال طبيب مختصّ في الأنف، الأذن والحنجرة من أجل علاجها بالطريقة الأفضل وتفادي المضاعفات.

د. أفراهام أبرجيل أخصّائي أنف، أذن وحنجرة والجيوب الأنفيّة. نائب مدير قسم الأنف، الأذن والحنجرة في المركز الطبي تل أبيب ("إيخيلوف").
 
ساعدت في إعداد المقالة: يعاريت طرابلسي، مراسلة zap doctors.

24/11/2019