التهاب السحايا لدى الأطفال

التهاب السحايا لدى الأطفال

التهاب السحايا (Meningitis) هو مصطلح طبي يعني التهاب في الأنسجة المحيطة بالدماغ والنخاع الشوكي والتي تُسمى بالسحايا.

غالباً ما يكون الالتهاب نتيجةً لعدوى فيروسية أو جرثومية، لكن هناك أسباب أخرى نادرة لالتهاب السحايا.

يؤدي التهاب السحايا لعدة أعراض لدى الأطفال أبرزها ألم الرأس والحرارة المرتفعة. يختلف علاج التهاب السحايا وفقاً للسبب الذي يؤدي له، وقد تكون حاجة للمضادات الحيوية في الكثير من الأحيان.

توجد عدة عوامل قد تزيد من احتمال الاصابة بالتهاب السحايا لدى الأطفال، خاصةً اثر العدوى الجرثومية:

  • العرق: يصاب الأطفال في أمريكا وأستراليا بالتهاب السحايا أكثر من باقي أطفال العالم، مما يدل على عوامل وراثية تزيد من احتمال الاصابة بالتهاب السحايا.
  • خلل وظيفي في جهاز المناعة وراثياً كان أم مُكتسباً يزيد من احتمال اصابة الطفل بعدوى تؤدي لالتهاب السحايا.
  • فقر الدم المنجلي (Sickle Cell Anemia).
  • استئصال الطحال يزيد من احتمال الاصابة بعدوى جرثومية تؤدي لالتهاب السحايا.
  • التواجد في أماكن مكتظة كحضانات الأطفال أو المعسكرات العسكرية.
  • اصابة شديدة في الرأس.
  • عيوب خلقية في النخاع الشوكي أو الدماغ تزيد من احتمال الاصابة بالتهاب السحايا.

توجد العديد من الأسباب لالتهاب السحايا، الا أن العدوى الفيروسية أو العدوى الجرثومية هي الأسباب الأهم والأكثر شيوعاً لالتهاب السحايا لدى الأطفال:

  1. التهاب السحايا الجرثومي (Bacterial Meningitis): هناك عدة أنواع من الجراثيم قد تؤدي لالتهاب السحايا لدى الأطفال، ويتعلق نوع الجرثومة بسن الطفل. عدة عوامل تزيد من احتمال الصابة بالتهاب السحايا الجرثومي مثل: التعرض لطفل أو شخص مصاب بالتهاب السحايا، التهاب الأذن أو الأنف في الاونة الأخيرة، السفر لأماكن ينتشر فيها التهاب السحايا الجرثومي كأفريقيا، اصابة في الرأس، وعدة عيوب خلقية. نشير الى أن التهاب السحايا الجرثومي هو مرض خطير جداً، ويُعتبر حالة طارئة تحتاج للعلاج الفوري، لذا يجب التوجه لطبيب الأطفال مباشرةً. عدم علاج التهاب السحايا الجرثومي قد يؤدي لخلل شديد في الدماغ وحتى للوفاة.
  2. التهاب السحايا الفيروسي (Viral Meningitis): عدة أنواع من الفيروسات قد تؤدي لالتهاب السحايا، الا أن عائلة الفيروسة المعوية (Enteroviruses) هي الأبرز من بين جميع الفيروسات. قد تؤدي هذه الفيروسات للعدوى بعد مرور أسابيع من التهاب السحايا. غالباً ما تنتشر هذه الفيروسات خلال فصل الشتاء، وتؤدي للاسهال وألم البطن وقد تنتقل للسحايا لتؤدي لالتهاب السحايا. تنتشر الفيروسات من خلال انتقالها عند لمس البراز أو منطقة الشرج أو عند تغيير الحفاظات للأطفال صغار السن. بعكس التهاب السحايا الجرثومي، فان التهاب السحايا الفيروسي لا يؤدي لعواقب وخيمة ومعظم الأطفال يشفون منه لوحدهم دون حاجة لعلاج ما.

فيروسات أخرى قد تؤدي لالتهاب السحايا:

  • فيروس الهيربس (Herpes Simplex Virus).
  • فيروس عوز المناعة البشري أي فيروس الايدز (HIV- Human Immunodeficiency Virus).
  • فيروس النكاف (Mumps Virus).

أسباب نادرة لالتهاب السحايا تشمل:

  • داء لايم (Lyme Disease) والذي تسببه جرثومة.
  • داء خدش القطة (Cat Scratch Disease) والذي تسببه جرثومة تنتقل الى الأطفال من خلال خدش قطة.
  • داء السل.
  • بعض أنواع الفطريات قد تؤدي لالتهاب السحايا.
  • مخلوقات أخرى كالطفيليات تؤدي لالتهاب السحايا، الا أن حدوثها نادر.

رغم أن التهاب السحايا الجرثومي أخطر من التهاب السحايا الفيروسي، الا أن الأعراض في الحالتين قد تكون متشابهة.

غالباً ما يصاب الطفل بالسعال، ألم الحلق، الزكام قبل الاصابة بالتهاب السحايا.

من الصعب التمييز بين سبب التهاب السحايا وفقاً للأعراض. تتغير بعض الأعراض وفقاً لجيل الطفل. أبرز الأعراض هي:

  • الحرارة المرتفعة وقد تصل حتى 40 درجة مئوية.
  • ألم الرأس.
  • التحسس الضوئي (Photosensitivity) أي عدم احتمال رؤية الضوء.
  • تيبس الرقبة.

تُعتبر الأعراض المذكورة الأكثر نوعية لالتهاب السحايا. أعراض أخرى قد تصيب الطفل وتشمل:

  • الغثيان والقيء.
  • الاسهال.
  • الطفح الجلدي.
  • فقدان الشهية لتناول الطعام.
  • لدى الأطفال الرضع أو المواليد الجدد قد يبرز اليافوخ (Fontanel)- وهي بقعة لينة في رأس المولود، وقد يكون الطفل غير هادئاً، أو حتى يميل الى النوم دائماً.
  • قد يؤدي التهاب السحايا الجرثومي للتشنجات، تدهور درجة الوعي حتى فقدان الوعي، الرؤية المزدوجة، اطراق الجفن (Ptosis)، وأعراض عصبية أخرى.
  • من أعراض التهاب السحايا الفيروسي: ألم العضلات، السعال، الزكام، الطفح الجلدي الأحمر أو الوردي.
  • غالباً ما تظهر الأعراض خلال ساعات معدودة، الا أنها قد تظهر ببطء على مدار يوم أو يومين.

نظراً لأن التهاب السحايا الجرثومي هي حالة خطرة وتحتاج للعلاج الفوري، من المهم تحديد سبب أعراض الطفل بسرعة.

يعتمد التشخيص على التاريخ المرضي ووصف الأعراض المذكورة أعلاه، كما ان الطبيب يقوم بفحص جسدي لاكتشاف علامات تدل على التهاب السحايا كتيبس الرقبة. يتم تقييم الأعراض وتشخيص التهاب السحايا في المستشفى، وهناك يقوم الأطباء باجراء الاختبارات التالية:

  • تعداد الدم الكامل (CBC- Complete Blood Count): يُستخدم للاطلاع على علامات قد تدل على وجود التهاب كارتفاع كريات الدم البيضاء.
  • مؤشرات الالتهاب: هو أيضاً اختبار دم للاطلاع على وجود مؤشرات للالتهاب في الدم.
  • مزرعة الدم: اختبار دم اخر يتم فيه استخراج عينة من الدم ومن ثم زرعها في المختبر. هدف المزرعة هو تنمية الجراثيم في حال وجودها (بشكل طبيعي لا توجد جراثيم في الدم). نتيجة الاختبار تساعد على تحديد نوع العلاج، ويُمكن معرفة النتيجة بعد 72 ساعة.
  • اختبار البزل القطني (LP-Lumbar Puncture): اختبار يتم فيه ادخال حقنة لأسفل الظهر واستخراج السائل النخاعي- السائل الموجود في الدماغ والنخاع الشوكي- لتحليله في المختبر واكتشاف التهاب السحايا. نتائج أولية للاختبار تظهر خلال ساعات، لكن النتائج النهائية تظهر خلال 72 ساعة. ويتم الاعتماد على النتائج الأولية لتحديد نوع الالتهاب ونوع العلاج المطلوب. يُعتبر البزل القطني أهم اختبار لتشخيص التهاب السحايا لدى الأطفال ولتحديد نوع العلاج.
  • التصوير الطبقي المحوسب (CT- Computerized Tomography): في بعض الحالات هناك حاجة لاجراء اختبارات تصويرية كالتصوير الطبقي المحوسب، قبل اجراء البزل القطني. الهدف من ذلك هو التأكد من امكانية اجراء البزل القطني، واستبعاد أمراض أخرى كنزيف دماغي أو كتلة في الدماغ والتي قد تؤدي لأعراض مشابهة.

يتعلق العلاج بنوع التهاب السحايا والسبب- الفيروسات أم الجراثيم. ويبقى هذا الأمر غير واضحاً حتى ظهور نتائج المزرعة والببزل القطني. لذا ولتفادي الخطورة الكامنة في التهاب السحايا الجرثومي، يتم علاج الأطفال بالمضادات الحيوية التي تُتسخدم لعلاج التهاب السحايا الجرثومي، وعند ظهور النتائج يُمكن اتخاذ قرار حول استمرار العلاج أو ايقافه.

علاج التهاب السحايا الجرثومي

يتم علاج التهاب السحايا الجرثومي بالمضادات الحيوية.

نظراً لأن التهاب السحايا الجرثومي قد يكون مرضاً خطيراً، من المهم أن يمكث الطفل في المستشفى لتلقي العلاج، ويتلقى العلاج عن طريق الوريد. يُفسح الأمر المجال أمام الأطباء لمتابعة حالة الطفل ومراقبة أية أعراض أو علامات قد تدل على مضاعفات الالتهاب.

قد يحتاج الطفل لعلاج داعم كتلقي أدوية معينة للحفاظ على ضغط الدم، الوقاية من نزيف ما أو السوائل لتجنب الجفاف. طبعاً فان العلاج الداعم يتعلق بحالة الطفل وشدة المرض.

يبدأ العلاج بالمضادات الحيوية مباشرةً بعد اجراء الاختبارات. ويتم تناول المضادات الحيوية عن طريق الوريد. يستمر العلاج لمدة 72 ساعة فقط في حال أن نتائج الاختبارات لا تدل على وجود جراثيم كسبب لالتهاب السحايا. يستمر العلاج لمدة 10-14 يوماً في حال أن نتائج الاختبارات تدل على وجود جراثيم. يتعلق نوع المضادات الحيوية، وتيرة تناولها، ومدة تناولها بنوع الجرثومة التي تنمو في المزرعة.

علاج التهاب السحايا الفيروسي

في معظم الحالات لا حاجة لعلاج التهاب السحايا الفيروسي، حيث أنه لا توجد ادوية مضادة للفيروسات الشائعة. كما أن الجسم يستطيع لوحده التغلب على الفيروسات لذا لا حاجة لعلاج ما. العلاج في معظم الحالات هو علاج داعم فقط ويشمل التالي:

  • الراحة.
  • تناول السوائل بشكل كاف لتجنب الجفاف.
  • تناول أدوية لخفض الحرارة أو ألم الرأس.

يتعلق توقعات سير التهاب السحايا بسبب المرض لدى الطفل. احتمال المضاعفات يرتفع عند اصابة الطفل بالتهاب السحايا الجرثومي، وعند اصابته بالتهاب شديد، وعندما يكون الطفل صغير السن.

التهاب السحايا الجرثومي يبدأ بالتحسن بعد 24-36 ساعة من بدأ العلاج بالمضادات الحيوية. قد تستمر الحرارة المرتفعة لعدة أيام أو أكثر، لكنها تتحسن بعد ذلك.

معظم الأطفال الذين يتلقون العلاج يشفون من المرض. رغم ذلك فان التهاب السحايا الجرثومي لا يزال مرضاً خطيراً وقد يؤدي للوفاة في العديد من الحالات. كما أن مضاعفات مزمنة قد تظهر ونتيجة لضرر دائم للدماغ مثل:

  • فقدان السمع أو ضعف السمع: يُعتبر أبرز المضاعفات وأكثرها شيوعاً، لذا ينصح الأطباء باجراء اختبار للسمع بعد شفاء الطفل من التهاب السحايا الجرثومي.
  • التشنجات.
  • العجز العقلي.
  • العجز التعليمي.
  • فقدان البصر.
  • الشلل.
  • تأخر في النمو والتطور لدى الطفل.

نشير الى ان نسبة المضاعفات المذكورة قد تصل الى 15% من الأطفال المصابين بالتهاب السحايا الجرثومي.

يُشفى معظم الأطفال من التهاب السحايا الفيروسي خلال أسبوع أو عشرة أيام. رغم أن بعض الأعراض قد تستمر لعدة أسابيع. لا يؤدي التهاب السحايا الفيروسي لأعراض ومضاعفات خطيرة كالتهاب السحايا الجرثومي، واحتمال الشفاء منه كلياً كبير جداً.

عدة أمور قد تقلل من احتمال الاصابة بالتهاب السحايا وتساعد على الوقاية:

  • التطعيمات: عدة تطعيمات يتلقاها الطفل خلال فترة طفولته تقي من التهاب السحايا، وخاصةً الجرثومي.
  • المضادات الحيوية: تناول المضادات الحيوية للوقاية من التهاب السحايا الجرثومي هو أمر يُنصح به لمن كان على اتصال بطفل أو أو شخص مصاب بالتهاب السحايا الجرثومي، وتحديداً بجرثومة المكورة السحائية (Meningococc). لذا يقوم أفراد عائلة المريض، أصدقائه وكل من كان على اتصال جسدي به خلال الأسبوع السابق للأعراض، بتناول المضادات الحيوية للوقاية من التهاب السحايا الجرثومي.
  • الحفاظ على النظافة والوقاية من انتقال العدوى، وذلك من خلال غسل اليدين قبل وبعد لمس الطفل، عدم تقبيل الطفل، تغطية فم الطفل خلال السعال. يجب اتباع هذه التعليمات حتى انتهاء الأعراض لدى الطفل.
29/09/2012