الاسهال لدى الأطفال

الاسهال لدى الأطفال

الاسهال هو عبارة عن خروج براز مرتخي أو سائل، أو خروج البراز بوتيرة أكثر من المعتاد.

من المحتمل أن يصيب الاسهال تقريباً كل طفل خلال حياته. ولكن من المهم أن نعرف أن الاسهال بحد ذاته ليس بمرض، انما علامة لوجود مرض اخر، غالباً في الجهاز الهضمي.

رغم أن الاسهال هو أمر شائع، ونادراً ما يهدد حياة الطفل، الا أنه من المهم التعرف على الحالات التي تتطلب علاجاً فورياً.

قد يؤدي الاسهال لجفاف الطفل، مما يضر باتزان الماء والأملاح في الجسم- هذه الأمور قد تكون خطيرة في حال عدم علاجها.

يُعتبر الاسهال من أبرز وأهم الأمراض المنتشرة لدى الأطفال.

الجدير بالذكر أن مُعظم حالات الاسهال الحاد تُشفى لوحدها، وغالباً ما يكون السبب من ورائها عدوائياً. أما الاسهال المستمر لأكثر من أسبوعين فهو اسهال مزمن ويحتاج لتشخيص السبب وللعلاج.

تعريف الاسهال

تتغير كثافة البراز، ووتيرة خروج البراز من طفل لاخر. ويتعلق الأمر بجيل الطفل وبالتغذية التي يتناولها. لذا فان تعريف الاسهال يختلف من حالة الى أخرى.

ولكن يُمكن تعريف الاسهال وفقاً للمعايير التالية: وتيرة الخروج، كثافة البراز، ومدة الاسهال.

  1. وتيرة الخروج: من الطبيعي أن يقوم الرضيع باخراج البراز ثلاثة وحتى عشرة مرات في اليوم، ويتغير الأمر وفقاً لتغذية الطفل- حيث أن الأطفال الرضع يقومون باخراج البراز بوتيرة أعلى ممن يتناولون محاليل الحليب. عند التقدم في السن فان الطفل يقوم باخراج البراز حتى مرتين في اليوم. يُمكن تعريف الاسهال على أنه خروج البراز ضعفي المعتاد، أو ثلاثة حالات من الخروج السائل في اليوم.
  2. كثافة البراز: تتغير كثافة البراز ولونه لدى الطفل تبعاً لجيله ولتغذيته. لدى صغار السن يكون البراز أصفر، أخضر أو بني اللون، وقد يكون ناعماً. أما عن الاسهال فهو البراز السائل، أو يحوي المخاط أو الدم وغالباً ما يكون خروجه سريعاً.
  3. مدة الاسهال: الاسهال الحاد هو ذلك المستمر حتى أسبوعين. أما الاسهال المزمن فهو الاسهال الذي يستمر لأكثر من اسبوعين.

السبب الأكثر شيوعاً للاسهال الحاد لدى الأطفال هو العدوى الفيروسية.

أسباب أخرى تشمل العدوى الجرثومية، تناول المضادات الحيوية، عدوى فيروسية أو جرثومية خارج الجهاز الهضمي، تسمم الطعام، وأمراض أخرى نادرة.

العدوى الفيروسية، الجرثومية وعدوى الطفيليات جميعها مُعدية. لذا على الأهل الانتباه للأمر ووقاية طفلهم من العدوى، كما منع انتقال العدوى لأطفال اخرين.

يُعتبر الأطفال ناقلين للعدوى طالما هم مصابين بالاسهال، وتنتقل الميكروبات بواسطة اللمس. لذا فان غسل اليدين، تجنب استعمال نفس الأغراض مع الطفل المريض والحفاظ على النظافة، هي أمور مهمة لتجنب انتقال العدوى.

ومن أهم أسباب إصابة الأطفال بالإسهال:

  • التهاب المعدة والأمعاء (Acute Gastroenteritis): التهاب المعدة والأمعاء هو السبب الأكثر شيوعاً للاسهال الحاد لدى الأطفال. وتسبب الفيروسات، الجراثيم والطفيليات التهاب المعدة والأمعاء. الا أن معظم الحالات هي اثر عدوى فيروسية وتصيب الأطفال في الشتاء، وبعضها في الصيف، وتؤدي للاسهال السائل، القيء، الحرارة المرتفعة، ألم البطن والرأس، وفقدان الشهية.

يستمر التهاب الأمعاء اثر العدوى الفيروسية ما يقارب 3-7 أيام، ويُشفى الطفل من الالتهاب لوحده دون الحاجة لتلقي العلاج، سوى تناول السوائل لتجنب الجفاف.

التهاب المعدة والأمعاء اثر العدوى الجرثومية هو حالة مشابهة لتلك الفيروسية، لذا يصعب كثيراً التمييز ما بينهم.

تؤدي العدوى الجرثومية للحرارة المرتفعة، الاسهال السائل، أو المصحوب بالمخاط والدم، ألم البطن، القيء وأعراض أخرى مشابهة. لا حاجة للعلاج بالمضادات الحيوية في معظم الحالات، لكن العلاج بالسوائل هو المهم.

التهاب المعدة والأمعاء اثر عدوى الطفيليات هو الحالة الأقل شيوعاً، ونجده في الدول الغير متقدمة.

تناول المياه الملوثة، زيارة مناطق ملوثة بالطفيليات أو العيش فيها، هي من العوامل التي قد تؤدي للاصابة بعدوى الطفيليات. التهاب المعدة والأمعاء اثر عدوى الطفيليات قد يُشفى دون حاجة للعلاج، لكنه قد يستمر لمدة تزيد عن أسبوعين.

  • الاسهال المرتبط بالمضادات الحيوية (Antibiotics Associated Diarrhea): بعض المضادات الحيوية قد تسبب الاسهال لدى الأطفال، كما لدى الكبار. غالباً ما يكون الاسهال طفيفاً ولا يؤدي للجفاف أو لفقدان الوزن.

أساس العلاج هو التوقف عن تناول المضادات الحيوية، ويؤدي الأمر لتوقف الاسهال خلال يوم أو يومين. اذا لم يتوقف الاسهال، أو أنه كان مصحوباً بالدم أو المخاط، يجب التوجه لطبيب الأطفال.

  • تسمم الطعام: حالة شائعة أيضاً وتصيب الأطفال، وتؤدي للاسهال، الغثيان والقيء وألم البطن اثر تناول الطعام أو الشراب الفاسد. غالباً ما تظهر الأعراض بعد تناول الطعام بعدة ساعات، وتتوقف الأعراض لوحدها دون الحاجة لعلاج.
  • الإصابة بالتهاب: قد يدل الاسهال لدى الأطفال على وجود التهاب اخر في الجسم، خارج الجهاز الهضمي. التهاب الأذن، الرئة، المسالك البولية وغيرها قد تؤدي للاسهال.
  • فرط الاطعام (Overfeeding): فرط اطعام الطفل الرضيع قد يؤدي للاسهال، القيء ولازدياد الوزن.
  • أسباب أخرى نادرة للاسهال: تشمل داء هيرشبرونغ (Hirschsprung’s Disease)، فرط الغدة الدرقية (Hyperthyroidism) وغيرها.

يتطلب تقييم الاسهال لدى الأطفال من الطبيب مراجعة التاريخ المرضي للطفل، القيام بالفحص الجسدي، وقد يحتاج أحياناً لاجراء بعض الاختبارات لتشخيص أسباب الاسهال لدى الأطفال.

من المهم أن يُجري الطبيب فحصاً جسدياً كاملاً، لتشخيص عدوى خارج الجهاز الهضمي ولتقييم درجة الجفاف. رغم أن العديد من الاختبارات متوفرة ويُمكن اجرائها لتقييم شدة الاسهال والجفاف لدى الطفل، الا أنه لا حاجة لاجرائها في معظم الحالات لأنها عدوائية.

أهم المضاعفات للاسهال هو الجفاف، نظراً لأن الطفل يفقد الكثير من السوائل خلال الاسهال.

توجد ثلاثة درجات من الجفاف، وفقاً لشدته:

  1. الجفاف البسيط (Mild Dehydration): وهو الجفاف الذي يصيب معظم الأطفال خلال الاسهال. يؤدي لجفاف بسيط في الفم، العطش وأحياناً لقلة البول.
  2. الجفاف المتوسط (Moderate Dehydration): الجفاف ذو الدرجة المتوسطة يتميز بجفاف الفم، البكاء دون دموع، العيون الغارقة، قلة البول.
  3. الجفاف الشديد (Severe Dehydration): ويؤدي لجفاف الفم، البكاء دون دموع، العيون الغارقة، قلة أو انقطاع البول، فتور الطفل وحتى فقدان الوعي، ضغط الدم المنخفض، ارتفاع دقات القلب، التنفس السريع.

 من المهم الانتباه لدرجة الجفاف، وتقديم العلاج المناسب. عادةً فان الجفاف البسيط يُمكن علاجه بتناول السوائل فموياً. أما درجات الجفاف المتوسطة والشديدة تحتاج للعلاج في المستشفى، وبتناول السوائل عن طريق الوريد.

يتكون علاج الاسهال لدى الأطفال من أمرين أساسيين:

  1. الحفاظ على اتزان المياه والأملاح: لتجنب الجفاف، وعلاج الجفاف في حال ظهوره.
  2. علاج سبب الاسهال: معظم حالات الاسهال عابرة وتُشفى لوحدها، لذا لا حاجة لعلاج السبب.

تغذية الطفل أثناء الاسهال

توجد العديد من المعتقدات حول تغذية الأطفال أثناء الاسهال.

من المهم أن نشير الى ضرورة الاستمرار في تناول ذات التغذية، أو الرضاعة لدى الرضع، الا اذا ما نصحكم الطبيب بغير ذلك.

اذا ما عانى الطفل من الجفاف، يجب اعادة السوائل اليه، وبعدها يستطيع الاستمرار بتناول ذات التغذية التي تناولها سابقاً.

اليكم بعض النصائح حول تغذية الطفل:

  • لا حاجة لتجنب منتوجات الحليب، معظم الأطفال يستطيعون تناول منتوجات الحليب خلال فترة الاسهال.
  • من المهم أن يتناول الطفل كمية كافية من النشويات والسعرات الحرارية، لذا يجب الحفاظ على تناول الأرز، البطاطا، الخبز، الفواكه والخضروات.
  • من المفضل تجنب تناول الأغذية التي تحوي الكثير من الدهنيات ومن الصعب هضمها، كاللحوم.
  • لا حاجة لتحديد نوع السوائل للطفل، بحيث يتناول الماء فقط.
  • من المفضل تجنب المشروبات المليئة بالسكر كشراب التفاح، الخوخ والكرز. قد تزيد هذه المشروبات من تركيز السكر في الدم وتؤدي لاختلال في اتزان السكر والشوارذ.

المعالجة بتعويض السوائل عن طريق الفم

المعالجة بتعويض السوائل عن طريق الفم (Oral Rehydration Therapy)، وتعرف أيضاً باسم معالجة الامهاء الفموي، هي طريقة العلاج الأسهل، الأوفر والأكثر أماناً، وهي بديل ممتاز للمعالجة بتعويض السوائل عن طريق الوريد.

الهدف من المعالجة هو تعويض السوائل التي فقدها الطفل خلال الاسهال.

توجد عدة سوائل في الأسواق، وجميعها تحوي ذات المركبات من الشوارذ والسكر، والتي فقدها الطفل وبحاجة اليها.

يُمكنكم استشارة الطبيب لتحديد نوع السوائل الذي يجب تناوله. نشير الى أن المعالجة بتعويض السوائل عن طريق الفم لا يعالج الاسهال نفسه، انما يعالج الجفاف. من المهم أن تكون تركيبة السوائل دقيقة جداً، لذا فان تحضير السوائل في البيت أمر مرفوض، كذلك استبدال السوائل بأنواع العصير المختلفة.

يجب تناول السوائل في البيت، وفي حال أن الطفل يعاني من الجفاف البسيط ويرفض تناول الطعام.

يُمكن تناول السوائل بكميات قليلة. طبعاً من المهم استشارة الطبيب قبل تناول أية سوائل. الكمية التي يُنصح بها هي ما يقارب 50 ميليلتر لكل كيلوغرام من وزن الطفل. بعد تناول كامل كمية السوائل، يُمكن محاولة تناول التغذية التي يتناولها الطفل.

اذا ما رفض الطفل تناول السوائل عن طريق الفم، أو أنه استمر بالاسهال أو القيء، يجب التوجه للطبيب.

المعالجة بتعويض السوائل عن طريق الوريد

هي طريقة العلاج الأمثل، والتي تعوض الطفل عن جميع السوائل التي فقدها.

طبعاً فان المعالجة بتعويض السوائل عن طريق الوريد تتم في المستشفى فقط.

هناك حاجة لتلقي السوائل عن طريق الوريد اذا ما فشل العلاج بتعويض السوائل عن طريق الفم، أو عند الاستمرار بالاسهال والقيء، أو عند رفض الطفل تناول الطعام والشراب، أو عند الجفاف ذو الدرجة المتوسطة أو الشديدة.

المعالجة بالأدوية

بشكل عام لا حاجة للمعالجة بالأدوية عند اسهال الطفل، كالمضادات الحيوية أو مضادات الاسهال. وعلى العكس فقد تكون الأدوية مضرة للطفل.

نادراً ما قد يتم استخدام المضادات الحيوية لمعالجة الاسهال لدى الأطفال، وذلك اذا ما كان الاسهال مستمراً وتم تشخيص الجراثيم التي تؤدي للاسهال. تذكروا أن للمضادات الحيوية بعض الأعراض الجانبية الغير مرغوب بها.

مضادات الاسهال المختلفة غير محبذة الاستخدام لدى الأطفال لعلاج الاسهال، لأنها توقف الاسهال ولكنها تحافظ على الفيروسات والجراثيم داخل الجهاز الهضمي، لذا قد تزيد من مدة الاسهال على عكس المطلوب.

النظافة والوقاية من انتشار عدوى الاسهال

على الأهل اتباع قوانين الوقاية والحذر من انتقال الاسهال اليهم أو لأطفال اخرين. أساس الوقاية من انتشار عدوى الاسهال هو الحفاظ على النظافة.

اليكم النصائح التالية:

  1. غسل اليدين: حجر الاساس للوقاية من العدوى. يجب غسل اليدين قبل وبعد لمس الطفل أو كل ما لمسه الطفل. تُغسل اليدين بالماء والصابون، ويُفضل بالصابون المضاد للميكروبات، لمدة 15-30 ثانية على الأقل. من المهم أيضاً غسل الأظافر وأطراف الأصابع، ورسغ اليد. يجب استعمال منشفة واحدة لكل شخص وعدم استعمال ذات المنشفة لعدة أشخاص. يجب غسل اليدين عند تحضير الطعام، بعد الأكل، بعد دخول المرحاض وحتى بعد العطس أو السعال.
  2. المستحضرات المليئة بالكحول، والتي تُستخدم لغسل اليدين: هي طريقة ممتازة للحفاظ على النظافة في حال عدم القدرة على غسل اليدين. في حال ملاحظة أوساخ مرئية للعين على اليدين، يجب غسل اليدين بالماء والصابون.
  3. ابعاد الأطفال الاخرين عن طفلكم لوقايتهم: وابعاد طفلكم عن أطفال اخرين مرضى لوقايته من العدوى.
  4. البقاء في المنزل: يُمكن للطفل أن يبقى في البيت اذا ما كانت المدرسة أو الحضانة مليئة بالأطفال المرضى، لوقايته من عدوى الاسهال.

التوجه لطبيب الأطفال

معظم حالات الاسهال يُمكن علاجها في البيت، ولا حاجة للتوجه لتلقي المساعدة الطبية سواء في العيادات أو المستشفى. لكن بعض الحالات تتطلب المساعدة الطبية، وذلك في الحالات التالية:

  • الاسهال الدموي: قد يكون الاسهال الدموي مجرد عدوى جرثومية عابرة، الا أنه قد يكون علامة لأمراض أخرى أو لالتهاب المعدة والأمعاء الشديد.
  • الجفاف المتوسط والشديد.
  • تفاقم ألم البطن.
  • استمرار الاسهال ورفض الطفل في تناول الطعام أو الشراب لعدة ساعات متتالية.
  • تغير تصرفات الطفل.
  • فتور الطفل أو عدم استجابة الطفل.

جميع هذه الحالات تعبر عن الجفاف المتوسط أو الشديد، أو عن أسباب للاسهال بحاجة للعلاج.

28/09/2012
الاسهال وكيفية التعامل معه
الاسهال وكيفية التعامل معه

الاسهال هي الحالة التي يقضي عندها الانسان حاجته أكثر من ثلاث

تغذية